سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : نزلت الآية تسلية للمؤمنين ، لما نالهم يوم احد من القتل والجراح.
وفي تفسير القرطبي عن ابن عباس قال : انهزم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم احد فبيناهم كذلك إذ أقبل خالد بن وليد بخيل من المشركين ، يريد أن يعلوا عليهم الجبل ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم لا يَعلُنّ علينا اللهم لا قوّة لنا إلّابك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر». فأنزل الله هذه الآيات.
التّفسير
دراسة نتائج غزوة أحد : في الآية الاولى من هذه الآيات حذر القرآن المسلمين من أن يعتريهم اليأس والفتور بسبب النكسة في معركة واحدة ، وأن يتملكهم الحزن وييأسوا من النصر النهائي ، قال سبحانه : (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
والوهن المذكور في الآية هو كل ضعف يصيب الجسم أو الروح أو يصيب الإرادة والإيمان. تعني أنّ هزيمتكم إنّما كانت بسبب فقدانكم لروح الإيمان وآثارها ، فلو أنّكم لم تتجاهلوا أوامر الله سبحانه لم يصبكم ما أصابكم ، ولم يلحقكم ما لحقكم ، ولكن لا تحزنوا مع ذلك ، فإنّكم إذا ثبتم على طريق الإيمان كان النصر النهائي حليفكم ، والهزيمة في معركة واحدة لا تعني الهزيمة النهائية.
ثم إنّه سبحانه يقول : (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ). وبذلك يعطي للمسلمين درساً آخر للوصول إلى النصر النهائي.
و «القرح» جرح يصيب البدن بسبب اصطدامه بشيء خارجي.
(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ) (١).
ففي هذا القسم يشير سبحانه إلى واحدة من السنن الإلهية وهي أنّه قد تحدث في حياة البشر حوادث حلوة أو مرّة ولكنها غير باقية ولا ثابتة مطلقاً ، فالانتصارات والهزائم ، والغالبية والمغلوبية ، والقوة والضعف كل ذلك يتغير ويتحول ، وكل ذلك يزول ويتبدل ، فلا ثبات ولا دوام لشيء منها.
__________________
(١) «الأيام» : جمع يوم يعبر به عن وقت طلوع شمس إلى غروبها ، وقد يطلق على فترات الإنتصارات الكبرى فى حياة الشعوب ، و «نداولها» : من المداولة بمعنى إذا صار الشىء من بعض القوم إلى البعض الآخر.