وساوس الشيطان ، تفرز آثاماً وذنوباً اخرى بسبب وجود القابلية الحاصلة في النفس الإنسانية نتيجة الذنوب السابقة ، والتي تمهد لذنوب مماثلة وآثام اخرى ، وإلّا فإنّ القلوب والنفوس التي خلت وطهرت من آثار الذنوب السالفة لا تؤثر فيها الوساوس الشيطانية ، ولا تتأثر بها.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (١٥٨)
استغلال المنافقين : كانت حادثة «احد» فرصة مناسبة للمنافقين بأن يقوموا بمحاولاتهم التشويشية. فهذه الآيات تتوجه بالخطاب أوّلاً إلى المؤمنين بهدف تحطيم جهود المنافقين ومحاولاتهم التخريبية وتحذير المسلمين منهم فتقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِى الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا).
(لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ). أنّكم أيّها المؤمنون إذا وقعتم تحت تأثير هذه الكلمات المضلّة الغاوية ، وكررتم نظائرها ستضعف روحيتكم أيضاً ، وستمتنعون أيضاً وحينئذ سيتحقق للمنافقين ما يصبون إليه ، ولكن لا تفعلوا ذلك ، وتقدموا إلى سوح الجهاد ليجعل الله ذلك حسرة في قلوب المنافقين المخذلين ، أبداً.
ثم إنّ القرآن الكريم يرّد على خبث المنافقين وتسويلاتهم وتشويشاتهم بثلاث أجوبة منطقية هي :
١ ـ إنّ الموت والحياة بيد الله على كل حال ، وأنّ الخروج والحضور في ميدان القتال لا يغير من هذا الواقع شيئاً ، وأنّ الله يعلم بأعمال عباده جميعها : (وَاللهُ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
٢ ـ ثم إنّكم حتى إذا متم أو قتلتم ، وبلغكم الموت المعجل ـ كما يحسب المنافقون ـ فإنّكم لم