تخسروا شيئاً ، لأنّ رحمة الله وغفرانه أعظم وأعلى من كل ما تجمعه أيديكم أو يجمعه المنافقون مع الإستمرار في الحياة من الأموال والثروات (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
٣ ـ وبغضّ النظر عن كل ذلك فإنّ الموت لا يعني الفناء والعدم حتى يخشى منه هذه الخشية ويخاف منه هذا الخوف ، ويستوحش منه هذا الإستيحاش ، إنّه نقلة من حياة إلى حياة أوسع وأعلى وأجل وأفضل ، حياة مزيجة بالخلود موصوفة بالبقاء (وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ).
إنّ الجدير بالملاحظة في هذه الآيات هو جعل الموت في اثناء السفر ، في مصاف الشهادة في سبيل الله ، لأنّ المراد بالسفر هنا هي تلك الأسفار التي يقوم بها الإنسان في سبيل الله ولأجل الله كالسفر وشد الرحال إلى ميادين القتال أو للعمل التبليغي.
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٦٠)
الأمر بالعفو العام : هذه الآية ترتبط بواقعة «احد» لأنّه بعد رجوع المسلمين من «احد» أحاط الأشخاص الذين فروا من المعركة برسول الله صلىاللهعليهوآله وأظهروا له الندامة من فعلتهم وموقفهم ، وطلبوا منه العفو. فأصدر الله سبحانه إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله أمره بأن يعفو عنهم ، ويتجاوز عن سيئتهم ويستقبل المخطئين التائبين منهم بصدر رحب. إذ قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
ولقد أشير في هذه الآية إلى واحدة من المزايا الأخلاقية لرسول الله صلىاللهعليهوآله ألا وهي اللين مع الناس والرحمة بهم ، وخلوه من الفظاظة والخشونة.
«الفظّ» : ـ في اللغة ـ هو الغليظ الجافي الخشن الكلام و «غليظ القلب» هو قاسي الفؤاد الذي لا تلمس منه رحمة ولا يحس منه لين.
وهاتان الكلمتان وان كانتا بمعنى واحد هو الخشونة ، إلّاأنّ الغالب استعمال الاولى في