٣ ـ تزكية نفوسهم ، وتنمية قابلياتهم الخلقية ، ومواهبهم الإنسانية.
ولكن حيث إنّ الهدف الأصلي هو «التربية» لذلك قدمت على «التعليم» مع أنّ الحال ـ من حيث الترتيب الطبيعي ـ تقتضي تقديم التعليم على التربية.
إنّ أهمية هذه النعمة العظمى (البعثة النبوية) إنّما تتضح تمام الوضوح وتتجلى تمام الجلاء عندما يقاس الوضع الذي آلوا إليه بالوضع الذي كانوا عليه ، وملاحظة مدى التفاوت بينهما وهذا هو ما يعنيه قوله : (وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَللٍ مُّبِينٍ).
(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٦٥)
دراسة اخرى لمعركة احد : إنّ بعض المسلمين كانوا يعانون من حزن عميق وقلق بالغ لنتائج احد ، فذكرهم الله ـ في هذه الآية ـ بثلاث نقاط هي :
١ ـ يجب أن لا تقلقوا لنتائج معركة معينة ، بل عليكم أن تحاسبوا كل قضايا المجابهة مع العدو ، وتزنوا المسألة من جميع أطرافها فلو أنّه أصابتكم على أيدي أعدائكم في هذه المعركة مصيبة فإنّكم قد أصبتم أعداءكم ضعفها في معركة اخرى (معركة بدر) لأنّهم قتلوا من المسلمين في معركة «احد» سبعين ولم يأسروا أحداً بينما قتل المسلمون من المشركين في معركة «بدر» سبعين وأسروا سبعين : (أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مّثْلَيْهَا).
٢ ـ أنتم تقولون هذه المصيبة كيف أصابتنا؟ (قُلْتُمْ أَنَّى هذَا). ولكن «قل» أيّها النّبي : (هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ). أي : هو نابع من مواقفكم في تلك المعركة ، فابحثوا عن أسباب الهزيمة في أنفسكم.
٣ ـ يجب أن لا تقلقوا للمستقبل لأنّ الله قادر على كل شيء ، فإذا أصلحتم أنفسكم ، وأزلتم النواقص ، وتخلصتم مما تعانون منه من نقاط الضعف شملكم تأييده ، وأنزل عليكم نصره (إِنَّ اللهَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).
(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) (١٦٧)