الْمَصِيرُ).
ثم يقول تعالى : (هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللهِ). أي أنّ لكل واحد منهم درجة بنفسه ومكانة عند الله.
ثم يقول سبحانه في ختام هذه الآية : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ). أي : أنّه سبحانه عالم بأعمالهم جميعاً فهو يعلم جيداً من يستحق أية درجة من الدرجات ، بحيث تليق بنيّته وإيمانه وعلمه.
(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (١٦٤)
النعمة الإلهية الكبرى : في هذه الآية يدور الحديث حول أكبر النعم الإلهية ، ألا وهي نعمة بعثة الرسول الأكرم والنبي الخاتم صلىاللهعليهوآله وهو إجابة قوية على التساؤل الذي خالج بعض الأذهان من حديثي العهد بالإسلام بعد معركة احد وهو : لماذا لحق بنا ما لحق ، ولماذا أصبنا بما أصبنا به؟ فيجيبهم القرآن الكريم بقوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ). أي إذا كنتم قد تحملتم كل هذه الخسائر ، وأصبتم بكل هذه المصائب ، فإنّ عليكم أن لا تنسوا أنّ الله قد أنعم عليكم بأكبر نعمة ، ألا وهي بعثه نبيّاً يقوم بهدايتكم وتربيتكم ، فمهما تحملتم في سبيل الحفاظ على هذه النعمة العظمى والموهبة الكبرى ، ومهما كلفكم ذلك من ثمن ، فهو ضئيل إلى جانبها ، وحقير بالنسبة إليها.
ثم إنّ الله سبحانه يقول : (مِّنْ أَنفُسِهِمْ). إنّ إحدى مميزات هذا النبي هو أنّه من نفس الجنس والنوع البشري ، وذلك لكي يدرك كل احتياجات البشر وحتى يلمس آلام إلانسان وآماله ، ثم يقوم بما يجب أن يقوم به من التربية والتوجيه على ضوء هذه المعرفة.
ثم إنّ الله سبحانه يقول واصفاً مهمات هذا النبي العظيم : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْءَايَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ). أي أنّه يقوم بثلاثة امور في حقّهم :
١ ـ تلاوة آيات الله على مسامعهم ، وإيقافهم على هذه الآيات والكلمات الإلهية.
٢ ـ تعليمهم بمعنى إدخال هذه الحقائق في أعماق ضمائرهم وقلوبهم.