بِمَاءَاتَيهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ).
ثم إنّ السبب الآخر لإبتهاجهم ومسرتهم هو ما يجدونه ويلقونه من عظيم الثواب ورفيع الدرجات الذي ينتظر إخوانهم المجاهدين الذين لم ينالوا شرف الشهادة في المعركة إذ يقول القرآن : (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ).
ثم يردف هذا بقوله : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). يعني أنّ الشهداء يحسّون هناك وفي ضوء ما يرونه أنّ إخوانهم المجاهدين لن يكون عليهم أي حزن على ما تركوه في الدنيا ولا أي خوف من الآخرة ووقائعها الرهيبة.
ثم إنّه سبحانه يقول : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ) (١).
وهذه الآية مزيد تأكيد وتوضيح حول البشائر التي يتلقاها الشهداء بعد قتلهم واستشهادهم ، فهم فرحون ومسرورون من ناحيتين :
الاولى : من جهة النعم والمواهب الإلهية التي يتلقونها.
والثانية : من جهة أنّهم يرون أنّ الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المؤمنين ... لا أجر الشهداء الذين نالوا شرف الشهادة ، ولا أجر المجاهدين الصادقين الذين لم ينالوا ذلك الشرف رغم اشتراكهم في المعركة : (وَأَنَّ اللهَ لَايُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (١٧٤)
غزوة حمراء الأسد : قلنا إنّ جيش أبي سفيان المنتصر أسرع بعد إنتصاره في معركة «احد» على الجيش الإسلامي يحثّ السير في طريق العودة إلى مكة حتى إذا بلغ أرض «الروحاء» ندم على فعله ، وعزم على العودة إلى المدينة للإجهاز على ما تبقى من فلول المسلمين ، واستئصال جذور الإسلام حتى لا تبقى له ولهم باقية.
ولما بلغ هذا الخبر إلى النبي صلىاللهعليهوآله أمر مقاتلي احد أن يستعدوا للخروج إلى معركة اخرى مع المشركين.
__________________
(١) «الاستبشار» يعني الإبتهاج والسرور الحاصل بسبب تلقي بشارة أو مشاهدة نعمة للنفس أو للغير من الأحبّة ؛ وليست بمعنى التبشير والإبشار.