الأشكال ويشترون الكفر بالإيمان ، كل هؤلاء لن يضرّوا الله شيئاً ، وإنّما يضرّون أنفسهم.
ويختم سبحانه الآية بقوله : (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (١٧٨)
بعد تسلية خاطر النبي صلىاللهعليهوآله في الآيات السابقة توجّه سبحانه إلى الأعداء في هذه الآية بالخطاب ، وأخذ يحدّثهم عن المصير المشؤوم الذي ينتظرهم. يقول فيها سبحانه : (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لِّانفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (١). تحذّر المشركين بأنّ عليهم أن لا يعتبروا ما أتيح لهم من إمكانات في العدة والعدد ، وما يكسبونه من انتصارات في بعض الأحيان ، وما يمتلكونه من حرية التصرف ، دليلاً على صلاحهم ، أو علامة على رضا الله عنهم.
(مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٧٩)
المسلمون في بوتقة الاختبار والفرز : لم تكن قضية «المنافقين» مطروحة بقوة قبل حادثة معركة «احد» ولهذا لم يكن المسلمون يعرفون عدواً لهم غير الكفار ، ولكن الهزيمة التي أفرزتها «احد» وما دبّ في المسلمين على أثرها من الضعف المؤقت مهّد الأرضية لنشاط المنافقين المندسين في صفوف المسلمين ، وعلى أثر ذلك عرف المسلمون وأدركوا بأنّ لهم عدواً آخر أخطر يجب أن يراقبوا تحركاته ونشاطاته وهو «المنافقون» وكان هذا إحدى أهم معطيات حادثة «احد» ونتائجها الإيجابية. والآية الحاضرة التي هي آخر الآيات التي تتحدث ـ هنا ـ عن معركة «احد» وأحداثها ، تبين وتستعرض هذه الحقيقة في صورة قانون عام إذ تقول : (مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيّبِ).
__________________
(١) «نملي» : مشتقة من الإملاء ، وتعني المساعدة والإعانة وتستعمل في أكثر الموارد في إطالة المدّة والإمهال الذي هو نوع من المساعدة ، وقد جاءت في الآية الحاضرة بالمعنى الثاني.