والنوع الثاني : من غرامة قتل الخطأ يكون في حالة ما إذا كان القتيل مسلماً ولكن من عائلة معادية للإسلام ويجب في هذه الحالة عتق عبد مسلم ولا تدفع الدية إلى أهل القتيل ، لأنّ الإسلام يرفض تعزيز الحالة المالية لأعدائه ، بالإضافة إلى ذلك فإنّ الإسلام قد قطع الصلة بين هذا الفرد وعائلته المعادية للإسلام فلا معنى إذن لجبران الخسارة.
أما النوع الثالث : من غرامة القتل الناتج عن الخطأ فيكون في حالة كون القتيل من عائلة غيرمسلمة لكن بينها وبين المسلمين عهداً وميثاقاً ، في مثل هذه الحالة أمر بدفع دية القتيل إلى أهله ، كما أمر ـ أيضاً ـ بتحرير عبد من العبيد المسلمين احتراماً للعهود والمواثيق تقول الآية : (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ).
وظاهر الآية والروايات التي وردت في تفسيرها تدل على أنّ المقصود فيها هو القتيل «المسلم».
وتستطرد الآية في بيان الحكم فتتطرق إلى اولئك النفر من المسلمين الذين يرتكبون القتل عن خطأ ، ولا يسعهم ـ لفقرهم ـ دفع المال دية عن القتيل ، كما لا يسعهم شراء عبد لتحرير رقبته غرامة عن إرتكابهم للقتل الخطأ ، وتبين حكم هؤلاء ، وتعلن أنّهم يجب أن يصوموا شهرين متتابعين غرامة عن القتل الخطأ الذي إرتكبوه ، بدلاً من الدية وتحرير الرقبة ، وقد اعتبرت ذلك نوعاً من تخفيف الجزاء على الذين لا يطيقون الغرامة المالية وتوبة منهم إلى الله ، علماً أنّ جميع أنواع الغرامات التي ذكرت في الآية عن القتل الخطأ ، إنّما هي توبة وكفارة للذنب المرتكب في هذا المجال ، والله يعلم بخفايا الامور وقد أحاط علمه بكل شيء حيث تقول الآية : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (٩٣)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن جماعة من المفسرين : نزلت في مقيس بن صبابة الكناني ، وجد أخاه هشاماً قتيلاً ، في بني النجار فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآله فأرسل معه قيس بن هلال الفهري وقال له : «قل لبني النجار إن علمتم قاتل هشام فادفعوه إلى أخيه ليقتصّ منه وإن لم تعلموا فدفعوا إليه ديته».