الخوف هم حكم استثنائي طارىء ، وعلى المسلمين إذا ارتفعت عنهم حالة الخوف أن يؤدّوا صلاتهم بالطريقة المعتادة (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ).
وتوضح الآية في النهاية سرّ التأكيد على الصلاة بقولها إنّ الصلاة فريضة ثابتة للمؤمنين وأنّها غير قابلة للتغيير : (إِنَّ الصَّلَوةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا).
إنّ عبارة «موقوت» من المصدر «وقت» وعلى هذا الأساس فإنّ الآية تبيّن أنّه حتى في ساحة الحرب يجب على المسلمين أداء هذه الفريضة الإسلامية ، لأنّ للصلاة أوقات محددة لا يمكن تخطيها.
(وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٠٤)
سبب النّزول
قرع السلاح بسلاح يشابهه : في تفسير مجمع البيان : قال ابن عباس : لمّا أصاب المسلمين ما أصابهم يوم أحد وصعد النبي الجبل ، قال أبو سفيان : يا محمّد لنا يوم ولكم يوم ، فقال : «أجيبوه». فقال المسلمون لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار! فقال أبو سفيان : لنا عُزّى ولا عزّى لكم. فقال النبي ، قولوا : «الله مولانا ولا مولى لكم!» فقال أبو سفيان : اعل هُبل.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله قولوا : «الله أعلى وأجل».
فقال أبو سفيان : موعدنا وموعدكم يوم بدر الصغرى. ونام المسلمون وبهم الكلوم (١) وفيهم نزلت (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ) وفيهم نزلت (إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) الآية لأنّ الله أمرهم على ما بهم من الجراح أن يتبعوهم ، وأراد بذلك إرهاب المشركين وخرجوا إلى حمراء الأسد وبلغ المشركين ذلك ، فأسرعوا حتى دخلوا مكة.
إنّ سبب النزول هذا يعلّمنا أنّ المسلمين يجب أن لا يغيب عن بالهم أنواع التكتيك الذي يستخدمه العدو ، وأن يواجهوا كل أسلوب حربي يتبعه العدو ، ويقابلوا سلاحهم بسلاح أمضى ، وحتى شعارات الأعداء يجب أن تقابل بشعارات إسلامية ضاربة ، وبغير ذلك فإنّ الرياح ستجري بما يشتهيه الأعداء.
__________________
(١) الكلوم : الجروح.