الله ، فقال : يا رسول الله! إنّ أهل بيت منا ، أهل بيت سوء عدوا على عمي ، فخرقوا عِليّة له من ظهرها ، وأصابوا له طعاماً وسلاحاً. فقال رسول الله : «انظروا في شأنكم». فلمّا سمع بذلك رجل من بطنهم الذي هم منه ، يقال له أسير بن عروة ، جمع رجالاً من أهل الدار ، ثم انطلق إلى رسول الله ، فقال : إنّ قتادة بن النعمان ، وعمّه ، عمدا إلى أهل بيت منا ، لهم حسب ، ونسب ، وصلاح ، وأبنوهم بالقبيح ، وقالوا لهم ما لا ينبغي ، وانصرف ، فلما أتى قتادة رسول الله بعد ذلك ، ليكمله ، جبهه رسول الله جبهاً شديداً ، وقال : عمدت إلى أهل بيت حسب ونسب ، تأتيهم بالقبيح ، وتقول لهم ما لا ينبغي؟!
قال : فقام قتادة من عند رسول الله ، ورجع إلى عمه ، وقال : يا ليتني متّ ، ولم أكن كلمت رسول الله ، فقد قال لي ما كرهت! فقال عمّه رفاعة : الله المستعان ، فنزلت الآيات (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ) إلى قوله (إِنَّ اللهَ لَايَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) فبلغ بشيراً ما نزل فيه من القرآن ، فهرب إلى مكة ، وارتدّ كافراً.
التّفسير
منع الدفاع عن الخائنين : يعرف الله سبحانه وتعالى ـ في بداية الآية (١٠٥) من سورة النساء ـ نبيّه محمّداً صلىاللهعليهوآله بأنّ الهدف من إنزال الكتاب السماوي هو تحقيق مبادىء الحق والعدالة بين الناس ، إذ تقول الآية : (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَيكَ اللهُ).
ثم يحذّر النبي صلىاللهعليهوآله من حماية الخائنين أبدأ بقوله : (وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا).
ومع أنّ الآية خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ولكن ممّا لا شك فيه هو أنّ هذا الحكم حكم عام لجميع القضاة والمحكمين.
أمّا الآية الاخرى فهي تأمر النبي صلىاللهعليهوآله بطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى ، إذ تقول : (وَاسْتَغْفِرُ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا).
(وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨) هَا أَنْتُمْ هؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (١٠٩)