وإنّ هذا الوعد وعد صادق وليس كوعود الشيطان الزّائفة ، حيت تقول الآية : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا).
وبديهي أنّ أي فرد لا يستطيع ـ أبداً ـ أن يكون أصدق قولاً من الله العزيز القدير في وعوده وفي كلامه ، كما تقول الآية : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً). وطبيعي أنّ عدم الوفاء بالوعد ناتج إمّا عن العجز وإمّا الجهل والحاجة ، والله سبحانه منزّه عن هذه الصفات.
(لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (١٢٤)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : تفاخر المسلمون وأهل الكتاب ، فقال أهل الكتاب : نبيّنا قبل نبيّكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم! فقال المسلمون : نبيّنا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب وديننا الإسلام. فنزلت الآية ، فقال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء. فأنزل الله الآية التي بعدها (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) الآية.
التّفسير
امتيازات حقيقية واخرى زائفة : لقد بيّنت هذه الآية واحداً من أهم أعمدة أو أركان الإسلام ، هو أنّ القيمة الوجودية لأي إنسان وما يناله من ثواب أو عقاب ، لا تمت بصلة إلى دعاوى وامنيات هذا الإنسان مطلقاً ، بل إنّ تلك القيمة ترتبط بشكل وثيق بعمل الإنسان وإيمانه وإنّ هذا مبدأ ثابت ، وسنّة غير قابلة للتغيير ، وقانون تتساوى الامم جميعها أمامه ، ولذلك تقول الآية في بدايتها : (لَيْسَ بِأَمَانِيّكُمْ وَلَا أَمَانِىّ أَهْلَ الْكِتَابِ). وتستطرد فتقول : (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
وكذلك الذين يعملون الخير ويتمتعون بالإيمان ـ سواء أكانوا من الرجال أو النساء ـ فإنّهم يدخلون الجنة ولا يصيبهم أقل ظلم أبداً ، حيث تقول الآية : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا).