حقاً ، إنّ هذا الموجود ، اللائق لخلافة الله على الأرض ، والمؤهل لهذا الشوط الكبير من التكامل وتربية أبناء عظام كالأنبياء وخاصة النبي الخاتم صلىاللهعليهوآله يستحق كل احترام.
نحن نشعر بالتعظيم والتكريم لمن حوى بعض العلوم وعلم شيئاً من القوانين والمعادلات العلمية ، فكيف حال الانسان الأوّل مع كل تلك العلوم والمعارف الزاخرة عن عالم الوجود؟
بحثان
١ ـ لماذا أبى إبليس؟ «الشيطان» اسم جنس شامل للشيطان الأوّل ولجميع الشياطين. أما «إبليس» فاسم علم للشيطان الذي وسوس لآدم. وإبليس ـ كما صرح القرآن ـ ما كان من جنس الملائكة وإن كان في صفوفهم ، بل كان من طائفة الجن ، وهي مخلوقات مادية.
باعثه على الإمتناع عن السجود كبر وغرور وتعصب خاص استولى عليه حيث اعتقد أنّه أفضل من آدم ، ولا ينبغي أن يصدر له أمر بالسجود لآدم.
كفر إبليس كان يعود إلى نفس السبب أيضاً ، فقد اعتقد بعدم صواب الأمر الإلهي ، وبذلك لم يعص فحسب ، بل انحرف عقائدياً. وهكذا ذهبت أدراج الرياح كل عباداته وطاعاته نتيجة كبره وغروره. وهكذا تكون دوماً نتيجة الكبر والغرور.
وعبارة (كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) تشير إلى أنّ إبليس كان قبل صدور الأمر الإلهى إليه بالسجود ، قد انفصل عن مسير الملائكة وطاعة الله ، وأسرّ في نفسه الإستكبار والجحود.
٢ ـ هل كان السّجود لله أم لآدم؟ لا شك أنّ السجود يعني «العبادة» لله ، إذ لا معبود غير الله ، وتوحيد العبادة يعني أن لا نعبد إلّاالله. من هنا فإنّ الملائكة لم يؤدوا لآدم يعني «سجدة عبادة» قطعاً ، بل كان السجود لله من أجل خلق هذا الموجود العجيب. أو كان سجود الملائكة لآدم سجود «خضوع» لا عبادة.
جاء في عيون الأخبار عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليهالسلام حديث طويل وفيه : «إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً وكان سجودهم لله تعالى عبودية ، ولآدم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه».
بعد هذا المشهد ومشهد اختبار الملائكة ، امر آدم وزوجه أن يسكنا الجنة ، كما جاء في قوله تعالى : (وَقُلْنَا يَاءَادَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا