(وَلَا الْهَدْىَ وَلَا الْقَلِدَ) (١).
٤ ـ أوجبت الآية توفير الحرية التامة لحجاج بيت الله الحرام أثناء موسم الحج ، الذي تزول خلاله كل الفوارق القبلية والعرقية واللغوية والطبقية ، ونهت عن مضايقة المتوجهين إلى زيارة بيت الله الحرام ابتغاء لمرضاته ، أو حتى الذين توجهوا إلى هذه الزيارة وهم يحملون معهم أهدافاً اخرى كالتجارة والكسب الحلال لا فرق فيهم بين صديق أو غريم ، فما داموا كلهم مسلمين وقصدهم زيارة بيت الله ، فهم يتمتعون بالحصانة كما تقول الآية الكريمة : (وَلَاءَامّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبّهِمْ وَرِضْوَانًا).
٥ ـ لقد خصصت هذه الآية حكم حرمة الصيد بوقت الإحرام فقط ، وأعلنت أنّ الخروج من حالة الإحرام إيذان بجواز الصيد للمسلمين ـ حيث تقول الآية الكريمة : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا).
٦ ـ منعت هذه الآية الكريمة المسلمين من مضايقة اولئك النفر من المسلمين الذين كانوا قبل إسلامهم يضايقون المسلمين الأوائل في زيارة بيت الله الحرام ويمنعونهم من أداء مناسك الحج ، وكان هذا في واقعة الحديبية ، فمنع المسلمون من تجديد الأحقاد ومضايقة اولئك النفر في زمن الحج بعد أن أسلموا وقبلوا الإسلام لهم ديناً ، تقول الآية الكريمة : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا).
٧ ـ تؤكد الآية ـ جرياً على سياق البحث الذي تناولته وبهدف إكماله ـ على أنّ المسلمين بدلاً من أن يتحدوا للإنتقام من خصومهم السابقين الذين أسلموا ـ وأصبحوا بحكم إسلامهم أصدقاء ـ عليهم جميعاً أن يتحدوا في سبيل فعل الخيرات والتزام التقوى ، وأن لا يتعاونوا ـ في سبيل الشر والعدوان تقول الآية : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانَ).
٨ ـ ولكي تعزز الآية الأحكام السابقة وتؤكدها تدعو المسلمين في الختام إلى اتّباع التقوى وتجنّب معصية الله ، محذرة من عذاب الله الشديد ، فتقول : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
__________________
(١) «الهدى» : جمع «هدية» وهو يعني هنا المواشي التي تهدى لتكون قرابين إلى بيت الله الحرام. و «القلائد» : جمع «قلادة» وهي الشيء الذي يوضع حول رقبة الإنسان أو الحيوان ، وتعني هنا المواشي التي تعلم بالقلائد لذبحها في مراسم الحج.