بالوجود الإسلامي إلى الفناء والزوال وإلى الأبد ، ولكن فضل الله ونعمته شملتهم وأنقذت الإسلام والمسلمين من تلك الأخطار. كما تحذر الآية المسلمين وتنبههم إلى ضرورة التزام التقوى والإعتماد على الله كدليل على شكر ذلك الفضل وتلك النعمة ، وليعلموا بأنّهم بتقواهم سيضمنون لأنفسهم الدعم والسند والحماية من الله في حياتهم الدنيوية هذه ، وفي هذا المجال تقول الآية الكريمة : (وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (١٢)
لقد أشارت هذه الآية أوّلاً إلى قضية الوفاء بالعهد ، وقد تكررت هذه الإشارة في مناسبات مختلفة في آيات قرآنية عديدة ، وربّما كانت إحدى فلسفات هذا التأكيد المتكرر على أهمية الوفاء بالعهد وذم نقضه ، هي إعطاء أهميّة قصوى لقضية ميثاق الغدير الذي سيرد في الآية (٦٧) من هذه السورة. والآية في بدايتها تشير إلى العهد الذي أخذه الله من بني إسرائيل على أن يعملوا بأحكامه وإرساله إليهم بعد هذا العهد اثني عشر زعيماً وقائداً ليكون كل واحد منهم زعيماً لطائفة واحدة من طوائف بني إسرائيل الإثنتي عشر ـ حيث تقول الآية الكريمة : (وَلَقَد أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيبًا).
والأصل في كلمة «نقيب» إنّها تعني الثقب الكبير الواسع ، وتطلق بالأخص على الطرق المحفورة تحت الأرض ، وسبب استخدام كلمة نقيب للدلالة على الزعامة ، لأنّ زعيم كل جماعة يكون عليماً بأسرار قومه ، وكأنّه قد صنع ثقباً كبيراً يطلع من خلاله على أسرارهم.
وتشير الآية بعد ذلك إلى وعد الله لبني إسرائيل حيث تقول : (وَقَالَ اللهُ إِنّى مَعَكُمْ).
وإنّ هذا الوعد سيتحقق إذا التزم بنو إسرائيل بالشروط التالية :
١ ـ أن يلتزموا بإقامة الصلاة كما تقول الآية : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَوةَ).
٢ ـ وأن يدفعوا زكاة أموالهم : (وَءَاتَيْتُمُ الزَّكَوةَ).