أنّ الأحقاد والعداوات القبلية والثارات الشخصية ، يجب أن لا تحول دون تحقيق العدل ، ويجب أن لا تكون سبباً للإعتداء على حقوق الآخرين ، لأنّ العدالة أرفع وأسمى من كل شيء ، فتقول الآية الكريمة : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا). وتكرر الآية التأكيد لبيان ما للعدل من أهمية قصوى فتقول : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى). وبما أنّ العدالة تعتبر أهم أركان التقوى تؤكد الآية مرّة ثالثة قائلة : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
بعد التأكيد الشديد الذي حملته الآية الكريمة حول قضية العدالة وضرورة تطبيقها بادرت الآية التالية وتمشياً مع الاسلوب القرآني ، فأعادت إلى الأذهان ما أعده الله للمؤمنين العاملين بالخير من غفرانه ونعمه العظيمة ، حيث تقول الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ).
كما ذكرت الآية في المقابل جزاء الكافرين الذين يكذبون بآيات الله ، فقالت : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بَايَاتِنَا أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
وممّا يلفت النظر أنّ الآية جعلت المغفرة والأجر العظيم في إطار «وعد الله» بينما ذكرت عقاب جهنم بأنّه نتيجة للكفر وللتكذيب بآيات الله ، وما هذا إلّاإشارة إلى فضل الله ورحمته لعباده فيما يخص نعم وهبات الآخرة التي لا يمكن لأعمال الإنسان مهما كبرت وعظمت أن تباريها أو تعادلها مطلقاً ، كما أنّها إشارة ـ أيضاً ـ إلى أنّ عقاب الآخرة ليس فيه طابع انتقامي أبداً ، بل هو نتيجة عادلة لما إرتكبه الإنسان من أعمال سيئة في حياته.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١)
لقد ذكرت الآيات السابقة بعضاً من النعم الإلهية ، وجاءت الآية الأخيرة تخاطب المسلمين وتذكر لهم أنواعاً من النعم التي أنعم الله بها عليهم ، لكي يؤدّوا شكرها عن طريق طاعة الله والسعي لتحقيق مبادىء العدالة ، فتقول الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ).
والآية تلفت إنتباه المسلمين إلى الأخطار التي تعرضوا لها ، وكان يحتمل أن تدفع