فإذا قال : (مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ). قال الله تعالى : اشهدكم كما اعترف بأنّي أنا مالك يوم الدّين لُاسهّلنّ يوم الحساب حسابه ، ولأتقبّلنّ حسناته ، ولأتجاوزنّ عن سيّئاته.
فإذا قال العبد : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ). قال الله عزوجل : صدق عبدي ، إيّاي يعبد اشهدكم لُاثيبنّه على عبادته ثواباً يغبطه كل من خالفه في عبادته لي.
فإذا قال : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). قال الله تعالى : بي استعان عبدي ، وإليّ إلتجأ ، اشهدكم لُاعيننّه على أمره ، ولُاغيثنّه في شدائده ولآخذنّ بيده يوم نوائبه.
فإذا قال : (اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ). إلى آخر السورة ، قال الله عزوجل : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وقد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمّل وآمنته ممّا منه وجل».
لماذا سمّيت فاتحة الكتاب؟ «فاتحة الكتاب» اسم اتّخذته هذه السورة في عصر رسول الله صلىاللهعليهوآله كما يبدو من الأخبار والأحاديث المنقولة عن النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله.
وهذه المسألة تفتح نافذة على مسألة مهمة من المسائل الإسلامية ، وتلقي الضوء على قضية جمع القرآن ، وتوضّح أنّ القرآن جُمع بالشكل الذي عليه الآن في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله ، خلافاً لما قيل بشأن جمع القرآن في عصر الخلفاء ، فسورة الحمد ليست أوّل سورة في ترتيب النّزول حتى تسمى بهذا الإسم ، ولا يوجد دليل آخر لذلك ، وتسميتها بفاتحة الكتاب يرشدنا إلى أنّ القرآن قد جمع في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله بهذا الترتيب الذي هو عليه الآن.
وثمّة أدلة اخرى تؤيّد حقيقة جمع القرآن بالترتيب الذي بأيدينا اليوم في عصر الرسول صلىاللهعليهوآله وبأمره.
روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ : يا علي! القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس ، فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه كما ضيّعت اليهود التوراة فانطلق عليّ فجمعه في ثوب أصفر ثم ختم عليه في بيته وقال : لا أرتدي حتى أجمعه».
وهنا يثار سؤال حول المشهور بين بعض العلماء بشأن جمع القرآن بعد عصر النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي الجواب نقول : إنّ ما روي بشأن جمع القرآن على يد الإمام علي عليهالسلام بعد عصر الرسول ، لم يكن جمعاً للقرآن وحده ، بل هو مجموعة تتضمن القرآن وتفسيره وأسباب نزول الآيات وما شابه ذلك ممّا يحتاجه الفرد لفهم كلام الله العزيز.
كما يؤكد (حديث الثقلين) المروي في المصادر الشيعية والسنية ، حيث أوصى رسول