الحلّة في رحلة ابن بطّوطة(١) :
قال الشيخ الرحّالة محمّـد بن عبـد الله بن بطّوطة (كان حيّاً عام ٧٥٧ هـ) عند ذكر مدينة الحلّة :
«... ونزلنا بئر ملاحة وهي بلدة حسنة بين حدائق نخل ، ونزلت بخارجها وكرهت دخولها لأنّ أهلها روافض. ورحلنا منها الصبح فنزلنا مدينة الحلّة ، وهي مدينة كبيرة مستطيلة مع الفرات وهو بشرقيها ، ولها أسواق حسنة جامعة للمرافق والصناعات ، وهي كثيرة العمارة ، وحدائق النخل منتظمة بها داخلاً وخارجاً ودورها بين الحدائق ، ولها جسر عظيم معقود على مراكب متصلة منتظمة فيما بين الشطّين تحفّ بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلا الشطّين إلى خشبة عظيمة مثبتة بالساحل ، وأهل هذه المدينة كلّهم إمامية اثنا عشرية ، وهم طائفتان : إحداهما تعرف بالأكراد ، والأخرى تعرف بأهل الجامعين ، والفتنة بينهم متصلة والقتال قائم أبداً ، وبمقربة من السوق الأعظم بهذه المدينة مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمّونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عاداتهم أن يخرج في كلّ ليلة مائة رجل من أهل المدينة عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة ، فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً مُلجماً أو بغلة كذلك ويضربون الطبول والأنفار والبوقات أمام تلك الدابّة ، ويتقدّمها خمسون منهم ويتبعها مثلهم ويمشي آخرون عن يمينها وشمالها ، ويأتون مشهد صاحب الزمان فيقفون في الباب ويقولون :
__________________
(١) رحلة ابن بطوطة ١/١٣٨.