الأمل والحياة والطمأنينة.
فليس عجيباً أن تتطاول الأعناق إلى صاحب هذا النبع الزلال ، وتشرئبُّ إليه النفوس طالما خطابه يعمّ الجميع ، إذ هو خالد عند الجميع.
إنّ المتأمّل في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام يجد فيه التأكيد على صفات الخير والمعروف والنظام ، بل التأكيد على كلّ صفات الكمال وما أكثرها ، لذا جاءت خطبه ورسائله لصنع الرجال الأحرار ، إنّها جاءت ليسمو الإنسان في عالم الفضيلة والمُثل ويتحرّر من أسر المادّة والشهوة المبتذلة. إنّ مضامين كلامه عليهالسلام تمثّل جوهر الحياة لذا ينبغي على النفوس ومن يهوى الكمال والسير إلى الله سبحانه أن يقتبس من ذلك الجوهر ، فالنّاس بفطرتهم وعلى اختلاف مشاربهم وتنوّع طبقاتهم وتعدّد أجناسهم تعلّقت بكلماته عليهالسلام أيّما تعلّق.
فما جمعه الشريف الرضي من مختارات كلام أمير المؤمنين عليهالسلامعلى كون ذلك المختار قليلاً إلا أنّه لم يزل يُثير في النفوس الدوافع النبيلة والصفات الخيّرة والأُمنيات الطيّبة.
إنّ نهج البلاغة هو نهج الإنسانية ؛ بشكله ومضمونه وفصوله. فيه تظافرت الأفكار والرؤى ، وفيه تجلّت روح العدالة والمحبّة والإخلاص ، فلا مناص من الأخذ به ، وتطبيق فقراته ، بل لابدّ من الإذعان الكامل بأنّه المنهاج الصالح للحياة والإنسانية. إنّه نهج الفكر والعقل ، نهج العدالة والسعادة ، نهج الرحمة والكمال ؛ نهج لم نر مثله في تراثنا الإنساني. ولا عجب لو قيل عنه وعن صاحبه إنّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وهذا هو سرّ إعجازه ، وسرّ خلوده.
إنّ المتدبّر في كلام الإمام عليهالسلام سيرى فيه جانبين :