معاوية : يا ابن اللّخناء لعليٍّ تقول هذا؟! وهل سنّ الفصاحة لقريش غيره؟»(١).
وفي بلاغة أمير المؤمنين عليهالسلام وفصاحته نقل ابن أبي الحديد كلام أبي عثمان عن جعفر بن يحيى وكان من أبلغ الناس وأفصحهم للقول والكتابة ، أنّه كان يتعجّب بقول عليّ عليهالسلام : «أين من جدّ واجتهد ، وجمع واحتشد ، وبنى فشيّد ، فمهّد وزخرف فنجّد.
قال : أَلاَ ترى أنّ كلّ لفظة منها آخذة بعنق قرينتها ، جاذبة إلى نفسها ، دالّة عليها بذاتها ، قال أبو عثمان : فكان جعفر يسمّيه فصيح قريش»(٢).
وقال ابن أبي الحديد : «واعلم أنّنا لا يخالجنا الشكّ في أنّه عليهالسلامأفصح من كلّ ناطق بلغة العرب من الأوّلين والآخرين إلاّ ما كان من كلام الله سبحانه وكلام رسول الله عليهالسلام وذلك لأنّ فصيلة الخطيب أو الكاتب في خطابته وكتابته يعتمد على أمرين هما مفردات الألفاظ ، ومركّباتها ، أمّا المفردات فأنّ تكون سهلة سلسلة غير وحشيّة ولا معقّدة ، وألفاظه عليهالسلامكلّها كذلك ، وأمّا المركّبات فحسن المعنى وسرعة وصوله إلى الأفهام واشتماله على الصفات التي باعتبارها فضّل بعض الكلام على بعض ، وتلك الصفات هي الصناعة التي سمّاها المتأخرون البديع ؛ من المقابلة والمطابقة وحسن التقديم وردّ آخر الكلام على صدره والترصيع والتكافؤ والتسميط والمشاكلة ، ولا شُبهة أنّ هذه الصفات كلّها موجودة في خطبه وكتبه ، مبثوثة متفرّقة في فرش كلامه عليهالسلام ، وليس يوجد هذان الأمران في كلام لأحد غيره ، فإن كان قد تعمّلها وأفكر فيها وأعمل رويّته في وضعها وسرّها فلقد
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ١ / ٢٤ ، شجرة طوبى ١ / ٦١.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ٦ / ٢٧٨.