مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلام مأخوذ من مادّة : (كَلْم) بمعنى الجَرح(١) ؛ وهو لا يؤثّر أثره المطلوب ولا يؤدّي بلاغته المقصودة ، إلاّ إذا كان في غاية الإيجاز والسلامة ، ولذلك جاء في أقوال العرب قولهم : «خير الكلام ما قلّ ودلّ»(٢).
ومن هنا ، نرى أنّهم كانوا يعدّون بعضَ الكلمات والجُمَل المتناهية في البلاغة مُعجزاً من الكلام ، وفي هذا المضمار نجد أنّ أعراب البادية أصفى قريحةً وأشدّ تمكّناً من أداء اللغة ووجوه بلاغاتها ؛ لأنّهم رضعوا من الطبيعة صفاءها ، واستلهموا من المعاني أسناها ، وكانوا يعيرون أشدّ الاهتمام للُّغة وبلاغتها شعراً وخطاباً وسجعاً ، وكانوا يقدّسون أو يكافؤون الشعراء والخطباء ؛ لما يحملون من تراث فكريٍّ ولغويٍّ وأدبيٍّ لا يتيسّر إلاّ للأوحديّ منهم.
__________________
(١) الكَلْم : الجراحة ، والجمع كُلُوم وكلام. (لاحظ : الصحاح للجوهري ٥ / ٢٠٢٣ ، النهاية ٤ / ١٩٩ ، لسان العرب ١٢ / ٥٢٤)
(٢) لاحظ : أدب الإملاء والاستملاء : ٨٣ ، وورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «من أكثر أهجر». (دستور معالم الحِكَم : ٢٧)