يكون المراد أن الله تعالى خصص كل حادث بوقت معين وحالة معينة بمشيئته الازلية وارادته السرمدية.
ويقول القرآن الحكيم في سورة يونس :
«هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ، ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ، يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»(١).
وهذه الآية الكريمة تتضمن الاشارة الى مكانة التقدير في الامور والتدبير للاشياء ، ولعل هذا يتضح لنا من عبارة الفخر الرازي حين يقول : «اعلم ان انتفاع الخلق بضوء الشمس ونور القمر عظيم ، فالشمس سلطان النهار ، والقمر سلطان الليل ، وبحركة الشمس تنفصل السنة الى الفصول الاربعة ، وبالفصول الاربعة تنتظم مصالح هذا العالم ، وبحركة القمر تحصل الشهور ، وباختلاف حاله في زيادة الضوء ونقصانه تختلف أحوال رطوبات هذا العالم ، وبسبب الحركة اليومية يحصل النهار والليل ، فالنهار يكون زمانا للتكسب والطلب ، والليل يكون زمانا للراحة ، وقد استقصينا منافع الشمس والقمر في تفسير الآيات اللائقة بها فيما سلف ، وكل ذلك يدل على كثرة رحمة الله على الخلق وعظم عنايته بهم.
فاننا قد دللنا على أن الاجسام متساوية ، ومتى كان كذلك كان اختصاص كل جسم بشكله المعين ووضعه المعين وخيره المعين وصفته المعينة ، ليس الا بتدبير مدبر حكيم رحيم ، قادر قاهر ، وذلك يدل على أن جميع المنافع الحاصلة في هذا العالم ، بسبب حركات الافلاك ومسير لشمس والقمر والكواكب ، ما حصل الا بتدبير المدبر المقدر ، الرحيم
__________________
(١) سورة يونس ، الآية ٥.