واسم «العزيز» اشارة الى كمال قدرته ، واسم «العليم» اشارة الى كمال علمه ، ولا شك أن تقدير أجرام الافلاك بصفاتها المخصوصة وهيئاتها المحددة وحركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة في البطء والسرعة ، لا يمكن تحصيله الا بقدرة كاملة متعلقة بجميع الممكنات ، وعلم نافذ في جميع المعلومات من الكليات والجزئيات.
فقوله : «ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» يفيد أن ذلك الخلق المحكم مع ذلك النتسبيق المتقن هو تقدير الله الخالق ، الذي وضع المقادير والانظمة مما اقتضاه علمه الواسع ، فهو الفاعل لما يشاء ، على قدر ما تقتضي الحكمة ، لا زائدا عليه ، ولا ناقصا عنه : «فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ»
ويقول القرآن في سورة الحجر :
«وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ»(١).
أي يصرّف المخزون في خزائنه ـ كالمطر ـ الى من يشاء حيث شاء كما شاء ، في وقت مقدر ، في حيز معين ، بصفات معينة : «قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً».
واذا كان الله جل جلاله قد وصف ذاته بالتقدير المقرون بالعلم والحكمة والرحمة والقدرة ، فانه من فضله يعلم عباده ويدعوهم الى فضيلة التقدير في مواطنها المناسبة ، فهو مثلا يدعو عباده الى التقدير في الانفاق ، فيقول في سورة الاسراء :
«وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَ
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية ٢١.