الرغبات ، فان القرآن الكريم قد عرض علينا كذلك أصنافا قد انحرفت رغباتهم ، وفسدت أمنياتهم. يقول كتاب الله تعالى عن اليهود في سورة البقرة :
«وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ»(١).
ستجد هؤلاء اليهود أحرص على البقاء في الدنيا من سائر الناس ومن المشركين أيضا ، كأن الواحد منهم قد اتخذ من هذا التعمير في الدنيا حبيبا له يوده ويحرص عليه ، وهذا عجيب ، لأن هؤلاء يزعمون ان لهم الجنة. فلم لا يتعجلون الرحيل اليها ان كانوا صادقين؟. ان هؤلاء يودون أن يعمروا في الدنيا الى النهاية مع أن العمر لا بد له من الفناء مهما طال. والحرص على طول البقاء في الدنيا أمر مذموم ، الا اذا كان للازدياد من الطاعة وتدارك الفائت بالتوبة والانابة.
ويقول القرآن في سورة البقرة : «وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ». تمنى كثير من أهل الكتاب ـ من اليهود ـ لو يرجعونكم معشر المؤمنين الى الكفر والضلالة ، بعد أن هداكم الله الى الايمان وجماله ، حسدا منهم لكم على ما أعده الله لكم من الخير والثواب.
وقيل ان هذه الآية نزلت في يحي بن أخطب وأخيه أبي ياسر ، دخلا على النبي صلىاللهعليهوسلم حين قدما الى المدينة ، فلما خرجا قيل لحيي :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٩٦.