«إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ»(١).
والمعنى كما يذكر تفسير المنار هو : انما يستجيب لك أيها الرسول الذين يسمعون كلام الله الداعي اليه بآياته ، سماع فهم وتدبر ، فيعقلون الآيات ، ويذعنون لما عرفوا فيها من الحق ، لسلامة فطرتهم واستقلال عقولهم ، دون أولئك الذين قالوا : سمعنا وهم لا يسمعون ، كالمقلدين الجاحدين ، ودون أولئك الذين قالوا : سمعنا ، من المستكبرين الجاحدين ، فأولئك موتى القلوب والارواح ، الذين هم أبعد عن الانتفاع من موتى الجسوم والابدان. وهؤلاء الموتى سيبعثهم الله يوم القيامة ، ويخرجهم من قبورهم ، ويلاقون سوء الحساب وأشد العذاب.
فالظاهر أن المراد بالموتى هم الكفار الراسخون في الكفر ، المطبوع على قلوبهم وأسماعهم ، فلا ترجى استجابتهم ، وينبغي ترك أمرهم الى الله المنتقم القاهر ، فهو يبعثهم بعد موتهم ، ويجازيهم على كفرهم واعراضهم.
ولم يقتصر القرآن المجيد على التنويه بفضيلة الاستجابة والتكريم لأهلها ، بل ذكر العواقب السود التي تنتظر الذين أعرضوا عن الاستجابة ، فها هو ذا يقول في سورة الاحقاف على لسان الجن :
«يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ، وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٣٦.