العالم ، فان قام به الادنى سقط عن الابعد ، ولا حرج به على كل قادر عليه ، قريبا كان أو بعيدا.
ولا يسقط الحرج ما دام باقيا على وجه الارض جاهل بفرض من فروض دينه ، وهو قادر على أن يسعى اليه بنفسه ، أو غيره ، فيعلمه فرضه. وهذا شغل شاغل لمن يهمه أمر دينه ، يشغله عن تجزئة الاوقات في التفريعات النادرة ، والتعمق في دقائق العلوم التي هي من فروض الكفايات ، ولا يتقدم على هذا الا فرض عين ، أو فرض كفاية هو أهم منه».
وبتوافر عنصر الصلاح في النفس ، وعنصر الاصلاح للنفس ، يتحقق للانسان اكتمال فضيلة أخلاقية قرآنية ، ذات شعبتين تكمل احداهما الاخرى ، تلك الفضيلة هي ما عبرت عنه بكلمتي «الصلاح» و «الاصلاح».
ولقد تكررت مادة «الصلاح والاصلاح» في القرآن المجيد أكثر من مائة وسبعين مرة ، ونستطيع أن نلحظ من مراجعة هذه المواضع أن الترتيب الطبيعي أو الغالب فيها أن الايمان مدخل الى الصلاح ، وان الاصلاح يكون ثمرة أو نتيجة للصلاح. ومن هنا ينبغي أن نلاحظ هذا الاقتران المتكرر الغالب بين ذكر «الايمان» وذكر «العمل الصالح». وقد تكرر قول القرآن الكريم «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» أكثر من خمسين مرة.
وليس هناك من ضرورة تلجىء الى ايراد كل هذه المواطن ، وحسبنا هنا نماذج منها ، ففي سورة البقرة يقول الحق تبارك وتعالى :
«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ