الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ، وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ»(١).
فهنا يقارن الكتاب العزيز بين طائفة المؤمنين أهل الاخلاص والظن الحسن بالله ، الذين وهبهم الله سبب الأمن والطمأنينة ، وطائفة أخرى سلط الله عليهم الازعاج والخوف ، وهم المشركون أو المنافقون الذين شغلتهم أنفسهم ، فهم يسيئون الظن ، فيظنون بالله ورسوله غير الحق ظنّ الجاهلية ، ويتوهمون أن الله لن ينصر رسوله ، ولذلك يتساءلون منكرين : هل لنا من النصر نصيب؟ وقد قالوا ذلك على سبيل السخرية والتخذيل للمسلمين ، وكان من قائلي هذا عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه ، ومعتّب بن قشير وأصحابه ، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم : ان الامر كله بيد الله ، ينصر من يشاء ، ويخذل من يشاء ، ولا خاذل لمن نصره ، ولا ناصر لمن خذله ، وربما عجل النصر ، وربما أخره لحكمة يعلمها ، وهو لا يخلف وعده ، ومن أوفى بعهده من الله؟.
واذا كان القرآن يفهمنا أن حسن الظن صفة المؤمنين ، فانه يخبرنا بأن الظن السيء صفة أعداء الله رب العالمين ، ولذلك يخاطب الله جل جلاله أعداءه فيقول لهم فيما يقول في سورة فصلت :
«وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ، وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١٥٤.