«لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة. أصحاب الجنة هم الفائزون».
لا يستويان طبيعة وحالا ، ولا طريقا وسلوكا ، ولا وجهة ولا مصيرا ، فهما على مفرق طريقين لا يلتقيان ابدا في طريق. ولا يلتقيان أبدا في سمة ، ولا يلتقيان أبدا في خطة ، ولا يلتقيان ابدا في سياسة ، ولا يلتقيان ابدا في صف واحد في دنيا ولا آخرة.
«أصحاب الجنة هم الفائزون» يثبت مصيرهم ويدع مصير أصحاب النار مسكوتا عنه ، معروفا. وكأنه ضائع لا يعنى به التعبير.
وقد جاء في تفسير ابن كثير عن الآيات السابقة ان الله تعالى أمر بالتقوى وهي تشمل فعل المأمور به وتجنب المنهي عنه ، فالله يقول لعباده : حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم من الاعمال الصالحة ليوم عرضكم على ربكم وهو عليم بجميع اعمالكم واحوالكم ولا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يغيب عنه من أموركم جليل أو حقير ، ولا تنسوا ذكر الله فينسيكم العمل بمصالح انفسكم لان الجزاء من جنس العمل ، ولقد خطب أبو بكر الصديق ذات يوم فقال : «أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لاجل معلوم؟ فمن استطاع منكم أن يقضي الاجل وهو في عمل الله عزوجل فليفعل ، ولن تنالوا ذلك الا بالله عزوجل. ان قوما جعلوا آجالهم لغيرهم ، فنهاكم الله ان تكونوا امثالهم : «ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم». أين من تعرفون من اخوانكم؟ قدموا على ما قدموا في أيام سلفهم ، وخلوا بالشقوة والسعادة ، أين الجبارون الاولون الذين بنوا المدائن ، وحصنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار. هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه ، فاستضيئوا منه ليوم ظلمة واستنصحوا كتابه وتبيانه ، ان الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال :