معدودات وهي أيام شهر رمضان ، كما بينها تعالى فيما بعد بقوله (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) أي : مرضا يضرّه الصوم ، أو يعسر معه.
والمرض : السقم وهو نقيض الصحة واضطراب الطبيعة بعد صفائها واعتدالها (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي : فأفطر (فَعِدَّةٌ) أي : فعليه صوم عدة أيام المرض والسفر (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) غير المعدودات المذكورة ، وإنما رخّص الفطر في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة. وقد سافر رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رمضان في أعظم الغزوات وأجلها : في غزوة بدر وغزوة الفتح. قال عمر بن الخطاب (١) : غزونا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رمضان غزوتين : يوم بدر والفتح ، فأفطرنا فيهما.
تنبيهات
الأول : ثبت أنه صلىاللهعليهوسلم صام في السفر وأفطر ، كما خيّر بعض الصحابة بين الصوم والفطر. ففي الصحيحين (٢) : عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في بعض أسفاره في يوم حارّ ، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحرّ ، وما فينا صائم إلّا ما كان من النبي صلىاللهعليهوسلم وابن رواحة. وقوله (في بعض أسفاره) وقع في إحدى روايتي مسلم ، بدله (في شهر رمضان). وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال (٣) : سرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو صائم. وفي رواية : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر ، فلما غابت الشمس قال لرجل : انزل فاجدح لنا ..! فقال : يا رسول الله! لو أمسيت. قال : أنزل فاجدح لنا قال : إن عليك نهارا. فنزل ، فجدح له ، فشرب ، ثمّ قال : إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا ـ وأشار بيده نحو المشرق ـ فقد أفطر الصائم. رواه الشيخان. واللفظ لمسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال (٤) : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المدينة إلى
__________________
(١) أخرجه الترمذيّ في : الصوم ، ٢٠ ـ باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار.
(٢) أخرجه البخاريّ في : ٣٠ ـ الصوم ، ٣٥ ـ باب حدثنا عبد الله بن يوسف ، حديث ٩٨٩.
ومسلم في : ١٣ ـ الصيام ، حديث ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٣) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٣٣ ـ باب الصوم في السفر والإفطار ، حديث ٩٨٦.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٥٢ ، ٥٣.
(٤) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٣٨ ـ باب من أفطر في السفر ليراه الناس ، حديث ٩٨٨.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٨٨.