مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس. فأفطر حتى قدم مكة ، وذلك في رمضان.
فكان ابن عباس يقول : قد صام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر. رواه الشيخان. واللفظ للبخاريّ.
وعن قزعة قال (١) : أتيت أبا سعيد الخدريّ فسألته عن الصوم في السفر فقال : سافرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مكّة ونحن صيام ، قال : فنزلنا منزلا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنكم قد دنوتم من عدوّكم ، والفطر أقوى لكم! فكانت رخصة ، فمنا من صام ومنا من أفطر.
ثمّ نزلنا منزلا آخر فقال : إنكم مصبحو عدوّكم والفطر أقوى لكم فأفطروا. وكانت عزمة فأفطرنا. ثم قال : لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك في السفر ، رواه مسلم. وعن عائشة (٢) : أن حمزة بن عمرو الأسلميّ قال للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : أأصوم في السفر؟. ـ وكان كثير الصيام ـ فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر. رواه البخاريّ.
ورواه مسلم من طريق آخر ، أنه قال : يا رسول الله! أجد بي قوّة على الصيام في السفر فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هي رخصة من الله. فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.
وعن أنس بن مالك قال (٣) : كنا نسافر مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. رواه الشيخان.
الثاني : لا يخفى أنّ جواز الصوم للمسافر ، إذا أطاقه بلا ضرر. وأمّا إذا شقّ عليه الصوم فلا ريب في كراهته ، لما في الصحيحين (٤) : عن جابر رضي الله عنه قال : كان
__________________
(١) أخرجه مسلم في : الصيام ، حديث ١٠٢.
(٢) أخرجه البخاريّ في : الصيام ، ٣٣ ـ باب الصوم في السفر والإفطار ، حديث ٩٨٧.
ومسلم في : الصيام ، حديث ١٠٣ و ١٠٤ و ١٠٧.
(٣) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٣٧ ـ باب لم يعب أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم بعضهم بعضا في الصوم والإفطار ، حديث ٩٩١.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٩٨ و ٩٩.
(٤) أخرجه البخاريّ في : الصوم ، ٣٦ ، باب قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمن ظلّل عليه واشتد الحر «ليس من البر الصوم في السفر» ، حديث ٩٩٠.
ومسلم في : الصيام ، حديث ٩٢.