بالإملاء لا يحسنه (أَوْ ضَعِيفاً) صبيا أو شيخا هرما (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) أي أو غير مستطيع للإملاء بنفسه ـ لعيّ به أو خرس أو عجمة. ولفظ (هو) هنا توكيد للفاعل المضمر ـ والجمهور على ضم الهاء لأنها كلمة منفصلة عما قبلها فهي مبدوء بها. وقرئ بإسكانها على أن يكون أجري المنفصل مجرى المتصل بالواو أو الفاء أو اللام. نحو : وهو ، فهو ، لهو. قاله أبو البقاء ، (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) يعني الذي يلي أمره من قيّم أو وكيل أو ترجمان (بِالْعَدْلِ) من غير نقص ولا زيادة (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) أي اطلبوهما ليتحملا الشهادة على المداينة (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) أي الشاهدان (رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ) أي في العدالة (مِنَ الشُّهَداءِ) ولما شرط في القيام مقام الواحد من الرجال ، العدد من النساء ، علله بما يشير إلى نقص الضبط فيهن فقال (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) أي تغيب عنها الشهادة (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) الضالة (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) أي لأداء الشهادة التي تحملوها أو لتحملها. وتسميتهم (شهداء) قبل التحمل من تنزيل المشارف منزلة الواقع (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ) أي الدين (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ) أي المذكور من الكتابة (أَقْسَطُ) أي أعدل (عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) أي أعون لإقامتها إذ بها يتم الاعتماد على الحفظ (وَأَدْنى) أي أقرب (أَلَّا تَرْتابُوا) أي لا تشكو في جنس الدين وقدره وأجله بتشكيك أحد المتداينين (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً) أي حالة (تُدِيرُونَها) أي تكثرون إدارتها (بَيْنَكُمْ) فتصعب عليكم كتابتها مع قلة الحاجة إليها (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) لأنها مناجزة فيبعد فيها التنازع والنسيان. قال أبو البقاء (تجارة) يقرأ بالرفع على أن تكون التامة (وحاضرة) صفتها. ويجوز أن تكون الناقصة واسمها تجارة ، وحاضرة صفتها ، وتديرونها الخبر. وقرئ بالنصب على أن يكون اسم الفاعل مضمرا فيه ، تقديره إلا أن تكون المبايعة تجارة (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) أمر بالإشهاد على التبايع مطلقا ناجزا أو كالئا لأنه أحوط وأبعد مما عسى يقع من الإختلاف. ويجوز أن يراد : وأشهدوا إذا تبايعتم هذا التبايع. يعني التجارة الحاضرة. على أن الإشهاد كاف فيه دون الكتابة. وعن الضحاك : هي عزيمة من الله ولو على باقة بقل. كذا في الكشاف. وأخرج ابن المنذر عن جابر بن زيد أنه اشترى سوطا فأشهد وقال : قال الله (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ).
قال أبو القاسم بن سلامة في كتابه (الناسخ والمنسوخ) : قد كان جماعة من التابعين يرون أنهم يشهدون في كل بيع وابتياع. فمنهم الشعبيّ وإبراهيم النخعيّ.