(الصلاة جامعة) فحمد الله وأثنى عليه إلى قوله : فكيف يوصف الذي عجزت الملائكة مع قربهم من كرسيّ كرامته ، وطول ولههم إليه ، وتعظيم جلال عزته ، وقربهم من غيب ملكوت قدرته أن يعلموا من علمه إلا ما علمهم وهم من ملكوت القدس كلهم ومن معرفته على ما فطرهم عليه فقالوا : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة : ٣٢]. فعليك أيها السائل بما دل عليه القرآن من صفته ، وتقدّمك فيه الرسل بينك وبين معرفته فأتم به واستضئ بنور هدايته ، فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها. فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ، ولا في سنة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا عن أئمة الهدى أثره فكل علمه إلى الله سبحانه ، فإنه منتهى حق الله عليك. وقد روى السيّد في الأمالي أيضا الحديث المشهور في كتاب الترمذيّ عن عليّ عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال (١) : ستكون فتنة! قلت : فما المخرج منها؟ قال : كتاب الله ، فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وفصل ما بينكم ، فهو الفاصل بين الحق والباطل ، من ابتغى الهدى من غيره أضله الله إلى قوله : من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. ورواه في أماليه بسند آخر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
ورواه ابن الأثير في (الجامع) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فهو مع شهرته في شرط أهل الحديث متلقى بالقبول عند علماء الأصول ، ولكن المبتدعة يرون تصانيفهم أهدى منه ، لبيانهم فيها ، على زعمهم ، المحكم من المتشابه.
__________________
(١) أخرجه الترمذيّ في : ثواب القرآن ، ١٤ ـ باب ما جاء في فضل القرآن ، ونصه : عن الحارث قال : مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث. فدخلت على عليّ فقلت : يا أمير المؤمنين! ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال : وقد فعلوها؟ قلت : نعم. قال : أما إني قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «ألا إنها تكون فتنة» قلت : ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال «كتاب الله ، فيه نبأ ما كان قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبّار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين ، هو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ). من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم». خذها إليك يا أعور! (قال أبو عيسى) هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وإسناده مجهول ، وفي الحارث مقال.