وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٨)
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وعيد لمن انتهك محارمه أو أصرّ على ذلك (وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وعد لمن حافظ على مراعاة حرماته تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ)(٩٩)
(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) يعني : ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم ، إلّا تبليغ ما أرسل به من الإنذار بما فيه قطع الحجج. وفي الآية تشديد في إيجاب القيام بما أمر به. وأن الرسول قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ. وقامت عليكم الحجّة ، ولزمتكم الطاعة ، فلا عذر لكم في التفريط (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) من الخير والشرّ ، فيجازيكم بذلك.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١٠٠)
(قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) حكم عام في نفي المساواة عند الله سبحانه وتعالى بين الرديء من الأشخاص والأعمال والأموال ، وجيّدها. قصد به الترغيب في صالح العمل وحلال المال (وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) فإنّ العبرة بالجودة والرداءة ، دون القلّة والكثرة. فإن المحمود القليل خير من المذموم الكثير. والخطاب عامّ لكل معتبر ـ أي : ناظر بعين الاعتبار ـ ولذلك قال (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أي : فاتقوه في تحرّي الخبيث وإن كثر. وآثروا الطيّب وإن قلّ (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي : بمنازل القرب عنده تعالى المعدّ للطيّبين.
تنبيهان :
الأول ـ قال الرازي : أعلم أنه تعالى لمّا زجر عن المعصية ورغّب في الطاعة بقوله : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ...) الآية ثم بما بعدها أيضا ـ أتبعه بنوع آخر من الترغيب والترهيب بقوله : (قُلْ لا يَسْتَوِي ...) الآية. وذلك لأنّ الخبيث