لا يفلح. كما قال تعالى : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أي : لا يفلحون في الدنيا بانقطاع الحجة عنهم ، وظهور المسلمين عليهم ، وفيه إشارة إلى أن مدّعي الرسالة ، لو كان كاذبا كان مفتريا على الله ، فلا يكون مفلحا ، فلا يكون سببا لصلاح العالم ، ولا محلا لظهور المعجزات. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٢٢)
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) أي : الإنس والجن والشياطين. منصوب بمضمر تهويلا للأمر. (جَمِيعاً) ليفتضح من لا يفلح من الظالمين مزيد افتضاح ، ويظهر المفلحون بكمال الإعزاز.
(ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) أي مضوا على الشرك ، بأن ماتوا عليه ، وهم الشاهدون أن مع الله آلهة أخرى (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) أي الذين جعلتموهم شركاءنا ، وهم شركاؤكم في العبودية ـ كذا قاله المهايميّ ـ وعليه ، فالإضافة على بابها.
وفي (العناية) : الإضافة فيه لأدنى ملابسه ، كما شار إليه القاضي بقوله : أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله ، لأنه لا شركة بينهم ، وإنما سموهم شركاء ، فلهذه الملابسة أضيفوا إليهم.
قيل : قوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) يقتضي حضورهم معهم في المحشر ، و (أين) يسأل بها عن غير الحاضر؟ أجيب بأنه بتقدير مضاف. أي : أين نفعهم وشفاعتهم ، أو أنهم بمنزلة الغيب ، لعدم ما رجوا منهم من الشفاعة. وعلى كلّ ، فالقصد من السؤال توبيخهم وتقريعهم ، وأن يقرر في نفوسهم أن ما كانوا يرجونه مأيوس منه. وذلك تنبيه لهم في دار الدنيا على فساد هذه الطريقة.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي : تزعمونها شركاء من عند أنفسكم. أي : فقصدتم بذلك فعل الفاتنين في المملكة بجعلها لغير من هي له.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٢٣)
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) أي : جواب ما اعترض به على فتنهم التي هي شهادة أن مع الله آلهة أخرى. وعبّر عن جوابهم بالفتنة ، لأنه كذب (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا