شراب وشراب ، فالفرق بين الأنواع المشتركة من الجنس تفريق بين المتماثلين ، وخروج عن موجب القياس الصحيح ، كما هو خروج عن موجب النصوص. وهم معترفون بأن قولهم خلاف القياس ، لكن يقولون : معنا آثار توافق ، اتبعناها ، ويقولون : إن اسم الخمر لم يتناول كل مسكر. وغلطوا في فهم النص ، وإن كانوا مجتهدين مثابين على اجتهادهم. ومعرفة عموم الأسماء الموجودة في النص وخصوصها ، من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله ، وقد قال تعالى : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) [التوبة : ٩٧] والكلام في ترجيح نفاة القياس ومثبتيه يطول استقصاؤه ولا يحتمل المقام بسطه أكثر من هذا ـ والله أعلم ـ انتهى كلامه رحمهالله.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (١٣)
(قالَ) تعالى لإبليس (فَاهْبِطْ مِنْها) أي : بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي. وأكثر المفسرين على أن الضمير عائد إلى الجنة ، والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها. قال ابن كثير : ويحتمل أن يكون عائدا إلى المنزلة التي هو فيها من الملكوت الأعلى ـ انتهى ـ وعليه اقتصر المهايمي حيث قال : فاهبط منها أي : من رتبة الملكية إلى رتبة العناصر (فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) أي : فما يصح ولا يستقيم ، فإنها مكان المطيعين الخاشعين (فَاخْرُجْ) تأكيد للأمر بالهبوط ، متفرّع على علته (إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) أي : من الأذلاء وأهل الهوان على الله تعالى وعلى أوليائه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤)
(قالَ أَنْظِرْنِي) أي : أمهلني ولا تمتني (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي : آدم وذريته من القبور.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (١٥)
(قالَ) أي : الله له (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) أي من المؤجلين إلى نفخة الصور