وقال الراغب : سميت بذلك للاجتزاء بها عن حقن دمهم.
وقال الشهاب : قيل مأخذها من (الجزاء) بمعنى القضاء. يقال : جزيته بما فعل ، أو جازيته. أو أصلها الهمز من (الجزء والتجزئة) ، لأنها طائفة من المال يعطى. وقيل : إنها معرب (كزيت) وهو الجزية بالفارسية. انتهى.
وقوله تعالى : (عَنْ يَدٍ) حال من فاعل (يُعْطُوا) و (اليد) هنا إمّا بمعنى الاستسلام والانقياد ، يقال : هذه يدي لك ، أي استسلمت إليك ، وانقدت لك ، وأعطى يده أي انقاد. كما يقال في خلافه : نزع يده من الطاعة. لأن من أبى وامتنع ، لم يعط يده ، بخلاف المطيع المنقاد ، وإما بمعنى النقد ، أي حتى يعطوها نقدا غير نسيئة ، فيكون ك (اليد) في قوله صلىاللهعليهوسلم (١) : «لا تبيعوا الذهب والفضة ... إلى قوله (يدا بيد)». وإما بمعنى الجارحة الحقيقة ، و (عن) بمعنى الباء ، أي لا يبعثون بها عن يد أحد ، ولكن عن يد المعطي إلى يد الآخذ. وإما بمعنى : من طيبة نفس ؛ قال أبو عبيدة : كل من انطاع لقاهر بشيء أعطاه ، من غير طيب نفس به وقهر له ، من يد في يد ، فقد أعطاه عن يد (مجاز القرآن ج ١ ص ٢٥٦). وإما بمعنى الجماعة ، أنشد ابن الأعرابي :
أعطى فأعطاني يدا ودارا |
|
وباحة حوّلها عقارا |
ومنه الحديث (٢)(وهم يد على من سواهم) أي هم مجتمعون على أعدائهم ، يعاون بعضهم بعضا ـ قاله أبو عبيد ـ وإما بمعنى الذل ـ نقله ابن الأعرابي وحكاه وجها في الآية ـ.
هذا إن أريد باليد يد المعطي. وإن أريد بها يد الآخذ ، فاليد إما بمعنى القوة ، أي عن يد قاهرة مستولية ويقولون : ما لي به يد أي قوة. وإما بمعنى السلطان ، وهو كالذي قبله ، ومنه يد الريح سلطانها. قال لبيد :
نطاف أمرها بيد الشّمال
__________________
(١) أخرجه البخاري في : البيوع ، ٧٨ ـ باب بيع الفضة بالفضة ، ٧٩ ـ باب بيع الدينار بالدينار نسئا ، حديث رقم ١٠٩٧ عن أبي سعيد الخدري.
وأخرجه مسلم في : المساقاة ، حديث ٧٦ وانفرد مسلم بقوله (إلا يدا بيد).
(٢) أخرجه ابن ماجة في : الديات ، ٣١ ـ باب المسلمون تتكافأ دماؤهم ، حديث رقم ٢٦٨٣ عن ابن عباس.