يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) [البقرة : ٢٥٧].
القول في تأويل قوله تعالى :
(هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢١)
(هذا) أي القرآن (بَصائِرُ لِلنَّاسِ) أي يبصرون به الحق من الباطل ، ويعرفون به سبيل الرشاد. قال الزمخشري : جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع ، بمنزلة البصائر في القلوب كما جعل روحا وحياة ، أي فهو تشبيه بليغ (وَهُدىً) أي من الضلالة (وَرَحْمَةٌ) أي من العذاب لمن آمن وأيقن (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) أي يطلبون اليقين (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) أي اكتسبوا سيئات الأعمال (أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) أي من عدم التفاوت. قال الزمخشري : والمعنى إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا. وأن يستووا مماتا. لافتراق أحوالهم أحياء حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات ، وأولئك على ركوب المعاصي. ومماتا حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة والوصول إلى ثواب الله ورضوانه ، وأولئك على اليأس من رحمة الله والوصول إلى هول ما أعدّ لهم. انتهى.
وزد عليه : حيث عاش هؤلاء على الهدى والعلم بالله وسنن الرشاد وطمأنينة القلب ، وأولئك على الضلال والجهل والعبث بالفساد واضطراب القلب وضيق الصدر ، بعدم معرفة المخرج المشار إليه بآية (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) [طه : ١٢٤].
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٢)
(وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي بالحكمة والصواب. قال ابن جرير : أي للعدل والحق ، لا لما حسب هؤلاء الجاهلون بالله ، من التسوية بين الأبرار