بالدخول في دار القرار.
اعلم ـ هداك الله ـ للطريق القويم ، وثبّتك على الصراط المستقيم ، أنّ الله من ألطافه وعدله وحكمته ، أن خلق الخلق لغاية لا للعبث ، وجعل تلك الغاية هي الطاعة له والانقياد ، فمن أطاعه وانقاد فاز بالسداد ، وحصّل الغاية والمراد ، وتبوَّأ منازل الجنان وعانق الحور ، وخدم بالولدان ، ومن حاد عن ذلك هوى في الجحيم ، ونال العذاب الأليم ، وقد أوجب على نفسه وجود الألطاف للعباد أجمعين ، فمن لطفه أن أرسل لهم الرسل مبشّرين ومنذرين(١) ، ودالّين وهادين ، فلمّا انتهت النوبة لسيّد البشر وأبي الأئمّة الاثني عشر محمّـد أفضل النبيّين والمرسلين ، وأشرف العالمين ، والملائكة المقرّبين ، أمره الله تعالى بتبليغ الرسالة وتبيين الحجّة والدلالة ، فصدع بما أمر ، وأعرض عمَّن أشرك(٢) وكفر ، فبلّغ عن الله جميع الأحكام ، وأوضح لنا دينَ الإسلام ، وكان من ذلك أن نصَّ على الإمامة والولاية بعده لأمير المؤمنين ، وسيّد الوصيّين وبين ذلك غير مكان(٣) وأوضح ذلك وبيّنه غاية
__________________
(١) عملاً بقوله تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) ، سورة النساء ، الآية : ١٦٥.
(٢) اقتبس هذا الكلام من قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)، سورة الحجر، الآية: ٩٤.
(٣) من ذلك قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّعليهالسلام : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» ، ينظر النيسابوري ، أبي الحسن مسلم بن الحجّاج ، صحيح مسلم ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأولى ، بيروت : ٢٠٠٠ ، الحديث ١٧٥٩ ، صفحة ٧٨٨ ، وكذلك ما رواه ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، عليّ بن أبي طالب» ، ينظر ، ابن مردويه ، أبي بكر بن موسى ، مناقب عليّ بن أبي طالبعليهالسلام ، دار الحديث ، قم : ١٤٢٠ ، ص٧٣.