وَطَرِيْقُ مَعْرِفَتِهِ النَّقْلُ ، أَيْ : نَقْلُ أَهْلِ الّلغةِ : أَنَّ هَذَا اللفْظَ مَوْضُوعٌ لِهَذَا المَعْنَى ، وَلا يَثْبُتُ بِالتّعْلِيْلِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ العُلُومِ ، فَقَدْ صَرَّحَ الأُصُوْلِيّونَ : بِأَنّ اللُغَةَ لا تَثْبُتُ قِيَاساً(١). يَعْنِي ؛ لا يُقَالُ : إِنَّ هَذَا اللفْظَ مَوْضُوعٌ لِهَذَا المَعْنَى ؛ لِعِلّةِ كَذَا ، بَلْ يَكُونُ ثُبُوتُهُ مَوْقُوفاً عَلَى السَّمَاعِ المُسْتَفَادِ مِنْ نَقْلِ أَهْلِ اللُغَةِ فَقَطْ.
الفَائِـدَةُ الثّالثةُ :
[فِي الكلّي وحقيقته]
الكُلِّيّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كُلّيٌّ ، أَيْ : مَفْهُومٌ لا يَمْنَعُ نَفْسُ تَصَوّرهِ مِـنْ وُقُوعِ الشّركةِ فِيْهِ(٢).
وَحَقِيْقَتُهُ : هُو مَا يَصْدقُ فِي الذِّهْنِ عَلَى أَفْرَاد مُتَعَدِّدَة مُخْتَلِفَة بِالحَقَائِقِِ ، كـ : (الجِنْسِ ، والعَرْضِ العَامِّ) ، أَوْ مُتّفِقَة بِالحَقَائِقِ ، كـ : (النَّوعِ ، والفَصْلِ ، والخَاصّةِ) ، بِوَضْع وَاحد هُـوَ مِنْ هَذهِ الحَيْثِيَّةِ ، لا يَجِبُ أَنْ يَكونَ لهُ أفرادٌ مَوْجودةٌ في الخَارِجِ ، بَلْ جَازَ أن يَكُونَ لهُ أَفْرَادٌ خَارِجِيَّةٌ ، وَجَازَ ألاّ يَكُونَ ، وَجَازَ أنْ ينْحَصِرَ فِي فَرْد وَاحِد.
وهَذَا الحُكْمُ مَعْلومٌ بَيْـنَ أَهْلِ العِرْفَانِ ، وَقَـدْ صَـرَّحَ بِذَلِكَ الشّيخُ
__________________
(١) ينظر : المستصفى : ٣٥١ ، والمنخول في تعليقات الأصول : ٣٢ ، والمحصول في علم الأصول ١/٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، والإحكام في أصول الأحكام ١/٥٧ ، والاقتراح في علم أصول النحو : ٤٩ ـ ٥٠ ، والمزهر ١/٣٧ ، وزبدة الأصول : ٥٣ ، وقوانين الأصول : ٢٤٧ ، والفصول الغرويّة : ٢١٠ ، وخلاصة عبقات الأنوار ٨/١٦٨ ، ونفحات الأزهار ٨/١٥٩.
(٢) ينظر : الإشارات والتنبيهات : ٤٥ ، والمنطق المظفّر ١/٦٨.