الرَّئِيْسُ ابـنُ سِيْنَا(١) فِي مَواضِعَ مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ(٢).
وَقَدْ قَسّمَ المَنْطِقِيّونَ في مُقَدِّماتِ المَنْطِقِ الكُلِّيَّ إِلَى : مَا لَيْسَ لَهُ فِي الخَارِجِ أَفْرَادٌ [٣٦١]// أَصـْلاً ، كَـالعَنْقَاءِ عَلَى القَوْلِ بِعَدَمِ وُجُودِهَا(٣) ، وَإِلَى مَا لَه فِي الخَارِجِ أَفْرَادٌ غَيْرُ مُتَنَاهِية ، كَـالنّفوسِ البشريّةِ ، عَلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ جَمْهُورُ الحُكَمَاءِ ، أَوْ جَمِيْعُهُمْ ، وَإِلَى مَا لَهُ فِيهِ أَفْرَادٌ مُتَنَاهِيَةٌ ، كَالكَوَاكِبِ السّيّارةِ ، وَإِلَى مُنْحَصِر فِي فَرْد وَاحد ، كَالشَّمْسِ ، وَالقَمَرِ.
وَيَجْرِي مَجْرَى كُلّ مِنْ هَذهِ الأقْسامِ مَا أَشْبَهَهُ مِنَ المَفْهُومَاتِ الكُلّيّةِ ، كَمَا لا يخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ فِي تِلْكَ الصِّناعَةِ يَدٌ ، وَلَهُ بِهَا خِبْرَةٌ.
وَقَوْلِي فِي التّعريفِ(٤) : «بِوَضْع وَاحِد» ؛ لإخْرَاجِ المُشْتَركِ ؛ فَإِنّهُ ، وَإِنْ صَدَقَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ فَرْد وَاحد ، إلا أنّهُ يَصْدُقُ عَلَى كُلّ وَاحِد مِنْ
__________________
(١) هو أبو علي الحسين بن عبـد الله بن سينا ، الفيلسوف الملقّب بالشيخ الرئيس ، أصله من بلخ ، ومولده في إحدى قرى بخارى سنة ٣٧٠ هـ. نشأ وتعلّم في بخارى ، وطاف البلاد ، وناظر العلماء ، واتّسعت شهرته ، وتقلّد الوزارة في همذان ، وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته ، فتوارى ، ثمّ صار إلى أصفهان ، وصنّف بها أكثر كتبه. وعاد في أواخر أيّامه إلى همذان ، فمرض في الطريق ، ومات بها سنة ٤٢٨ هـ .. صنّف نحو مائة كتاب ، بين مطوّل ومختصر ، من أشهرها : القانون في الطبّ ، والمعاد رسالة في الحكمة ، والشفاء ، وأرجوزة في المنطق ، ورسالة حيّ ابن يقظان ، وأسباب حدوث الحروف ، والإشارات والتنبيهات .. ينظر ترجمته في : الكامل في التاريخ ٩/٤٣٦ ، ووفيات الأعيان ٢/١٥٧ ، وسير أعلام النبلاء ١٧/٥٣١ ، وتأريخ الإسلام ٢٩/٣١٨ ، والبداية والنهاية ١٢/٥٣ ، وشذرات الذهب : ٣/٢٣٣ ، والذريعة ٢/١١ ، والأعلام ٢/٢٤١ ـ ٢٤٢ ، ومعجم المؤلّفين ٤/٢٠ ، وابن سينا : ١٩ ، وما بعدها.
(٢) ينظر : الشفاء ، المنطق ، (٣ ـ العبارة) : ٥٩ ، وما بعدها. وكذا : الإشارات والتنبيهات : ٥٧ ، والرسالة الشمسية : ٢٩٠ ، وشروح الشمسية ١/٢٨٧.
(٣) ينظر : الرسالة الشمسية : ٢٩٠ ، وشروح الشمسية ١/٢٨٧.
(٤) أي : في تعريف الكلّيّ المتقدّم الذكر.