مَعَانِيهِ ، بِتَعْيين خَاصّ لِذَلِكَ المَعْنَى ، فَهُوَ مُتَعَدِّدُ الوَضْعِ ، بِخِلافِ الكُلِّيّ ، كـ : (حَيْوَان ، إِنْسَان) ، فَإنَّ كُلاً مِنْهُمَا مَوْضُوعٌ لِمَعْنىً مُفْرَد ، يُوْجدُ ذَلِكَ المَعْنَى فِي أَفْرَاد مُتَعَدِّدَة ، فَيَصْدُقُ ذَلِكَ المَوضُوعُ عَلَى كُلّ مِنْها بِوَضْعهِ الأوّلِ ، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاج إِلَى اسْتِئْنَافِ وَضْع آخَرَ ، وَيُحْمَلُ عَلَى كُلّ مِنْها حَمْلاً حَقِيقِيّاً ، كَمَا يُقالُ : الإنْسانُ حَيوانٌ ، والفَرَسُ حَيْوَانٌ ، وزَيْدٌ إنْسانٌ ، وَعَمْرٌو إنْسانٌ.
وَهَذَا ، أيْضاً ، وَاضِحٌ بَيّنٌ فِي مَبْحَثِ الوَضْعِ مِن مَبْسُوطاتِ كُتُبِ المَنْطِقِ(١) ، والأصُولِ(٢).
وإذَا تقرّرَ هَذا ، فَاعْلَمْ أنّ الكُلّيَّ المُنْحَصِرَ خَارِجاً فِي فَرْد وَاحِد ـ إذا أُطْلِقَ ـ انْصَرَفَ الذِّهنُ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ المُفْرَدِ المَعْرُوفِ مِنْهُ ، وَلا يَنْصَرِفُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَلا يَتَرَدَّدُ فِيهِ ، أَلا تَرَى أنّهُ لَو قَالَ إنْسانٌ لآخَرَ : لا أُكَلِّمُكَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ ، أَوْ غَربَتْ. أَوْ قَالَ لَهُ : لا أَصْحَبُكَ مَا بَزَغَ قَمَرٌ ، وَأَفَلَ ، لا يَنْصَرِفُ ذِهْنُ المُخَاطَبِ وَالسّامِعِ إلاّ إِلَى ذَيْنِك الجِسْمَيْنِ المُنِيْرَينِ ، ولا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ مِنَ العَارِفِيْنَ بانْحِصَارِ مَعْنَاهُمَا فِيْهِمَا ؛ إِرَادَةَ المُتَكَلّمِ غَيْرَهُمَا مِنْ نَوْعَيْهِمَا ؛ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِ فَرْد غَيْرِهِمَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ اللفْظُ ، بَلْ يَجْرِيَانِ فِي انْصِرَافِ الإطْلاقِ إِليْهِمَا خَاصّةً ، مَجْرَى العَلَمِ بِالغَلَبَةِ(٣) ، مِثْلُ : (البَيْت) فِي [٣٦٢]//
__________________
(١) ينظر : الإشارات والتنبيهات : ٤٥ ، وما بعدها. وشروح الشمسية ١/١٧٣ ، وما بعدها.
(٢) ينظر : قوانين الأصول : ٢٤٧ ، و : الفصول الغرويّة : ١٤ ، والكفاية في الأصول : ١٤ ، وأصول الفقه ١/٩.
(٣) قال رضي الدين الاسترآبادي (ت ٦٨٦ هـ) في بيان العلم بالغلبة ، قال : «قد يكون بعض الأعلام اتفاقياً ، أي يصير علماً ، لا بوضع واضع معيّن بل لأجل الغلبة ،