قَوْلِهِ تَعَالى : (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(١) لا مَجْرَى النَّكِرَةِ المَحْضَةِ ، وَاسْمِ الجِنْسِ ، وإنْ كَانَ مِثْلُهُمَا(٢) نَكِرَةً.
واسْمُ الجِنْسِ فِي اصطلاحِ النُّحَاةِ(٣) ؛ لِشيوعهِ فِي أَفْرَاد ذِهْنِيَّة ، أَوْ تَقْدِيريَّة. وَهَذا ظَاهِرٌ لِكُلّ ذِي فَهْم ، وَمَعْرِفَة.
وَإِذَا اتّضَحَ مَا أَفَدْنَاهُ مِنَ الفَوائِدِ ، فَاعْلَمْ أَنّ سَعْدَ الدّين التّفْتَازَانِي قَالَ فِي مَبْحَثِ إِيَرَادِ المُسْنَدِ إِلَيْهِ مُعَرَّفاً بِالعَلَمِيَّةِ مَعَ لَفْظِ التّلخِيْصِ(٤) ، [قال](٥) : «نَحْو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٦) ، فَاللهُ أَصْلُهُ الإلَهُ ، حُذِفَتْ الهَمْزَةُ ، وَعُوّضَ
__________________
وكثرة استعماله في فرد من أفراد جنسه ... ثمّ اعلم أنّ اسم الجنس إنّما يطلق على بعض أفراده المعيّن : بأداتي التعريف ، وهما : اللام والإضافة ، فالعلم الغالب : إمّا مضاف ، أو ذو لام ...» ، ثمّ قال : «وذو اللام ، [وهو مطلبنا] كالصَّعِق ، والنجم ، واللام في الأصل لتعريف العهد ، وقد تقدّم أنّ العهد قد يكون جري ذكر المعهود قبل ، وقد يكون بعلم المخاطب به قبل الذكر ؛ لشهرته ، فاللام التي في الأعلام الغالبة من القسم الثاني ، فإن معنى النجم ، قبل العلمية : الذي هو المشهور المعلوم للسامعين من النجوم ، لكون هذا الاسم أليق به من بين أمثاله ، وكذا : البيت في بيت الله ، لأنّ غيره كأنّه بالنسبة إليه ، ليس بيتاً ...» شرح الكافية ٣/٢٠٦.
(١) سورة آل عمران ٣ : ٩٧. وتمام الآية : (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
(٢) أي : الكلّي المنحصر خارجاً في فرد واحد.
(٣) ينظر : شرح المفصّل ١/٣٧ ، وأمالي ابن الحاجب ١/٣٢٥ ، و٤٧٣ ، وشرح الكافية ٣/١٩٨ ، وشرح قطر الندى : ٩٧ ، وهمع الهوامع ١/٢٨١. والأشباه والنظائر ٢/١٧٥.
(٤) مفتاح العلوم ؛ للسكاكي (ت ٦٢٦ هـ) ، لخّصه القزويني (ت ٧٣٩ هـ) ، ينظر ترجمتهما في : الأعلام ٦/١٩٢ و٨/٢٢٢ ، ومعجم المؤلّفين ١٣/٢٨٢.
(٥) زيادة للسياق.
(٦) سورة الإخلاص ١١٢ : ١.