عَنْهَا(١) حَرْفُ التَّعْرِيْفِ ، ثُمَّ جُعِلَ عَلَماً لِلذَّاتِ الوَاجَبِ الوُجُودِ الخَالِقِ لِكُلِّ شَيء. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اِسمٌ لِمَفْهُومِ الوَاجِبِ لِذَاتِهِ ، أَو المُسْتَحِقِّ لِلعُبُوديّةِ لَهُ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا كُلّيّ انْحَصَرَ فِي فَرْد ، وَاحِد(٢) ، فَلا يَكُونُ عَلَماً ؛ لأنّ مَفْهُومَ العَلَمِ جُزْئِيٌّ ، فَقَدْ سَهَا(٣).
ألا يَرَى(٤) أَنّ قَوْلَنا : (لا إِلَهَ إلاّ اللهُ) كَلِمَةُ تَوْحِيْد بالاِتّفَاقِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَقّفَ عَلَى اعْتِبَارِ عَهْد ، فَلَوْ كَانَ (اللهُ) اسْماً لِمَفْهُومِ المَعْبُودِ بِالحَقِّ ، أَوِ الوَاجِبِ لِذَاتِهِ ، لا عَلَماً لِلْفَرْدِ المَوْجُودِ مِنْهُ لَمَا أَفَادَ التَّوْحِيْدَ ؛ لأنَّ المَفْهُومَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَحْتَمِلُ الكَثْرَةَ.
وَأَيْضاً فَالمُرَادُ بالإلهِ فِي هَذِهِ الكَلِمَةِ(٥) : إمّا المَعْبُودُ بِالحَقِّ ، فَيَلْزِمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيءِ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوْ مُطْلَقُ المَعْبُودِ ، فَيَلْزِمُ الكَذِبُ ، لِكَثْرَةِ المَعْبُودَاتِ البَاطِلَةِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ إِلَه ، بِمَعْنَى : المَعْبُودِ بِحَقٍّ(٦).
وَاللهُ عَلَماً لِلْفَرْدِ المَوْجُودِ مِنْهُ(٧) ، والمَعْنَى : لا مُسْتَحِقَّ لِلْعُبُودِيَّةِ لَهُ فِي الوُجُودِ ، أَوْ مَوْجُودٌ إلاّ الفَرْدُ الَّذِي هُوَ خَالِقُ العَالمِ.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ(٨) صَاحِبِ الكَشَّافِ(٩) : إِنّ اللهَ مُخْتَصٌّ بِالمَعُبُودِ
__________________
(١) في المطوّل : (عُوّضتَ مِنْها).
(٢) خلت كلمة (واحد) من نصّ المطوّل.
(٣) في الأصل رسمت بالياء ، هكذا : (سهي) ، وما أثبتناه من المطوّل.
(٤) في الأصل : (ترى) ، وما أثبتناه من المطوّل ؛ لأنّه حكاية عن مَن زعم ذلك.
(٥) أي : في كلمة التوحيد : (لا إله إلاّ الله).
(٦) في الأصل : (بالحقّ) ، وما أثبتناه من المطوّل.
(٧) سقطت (منه) من الأصل ، وما أثبتناه من المطوّل.
(٨) سيأتي في الهامش ، وإنّما أخّرناه ؛ لتحقيق الفائدة المرجوّة من ردّ البحراني على التفتازاني في توجيه قول الزمخشري في تفسير الكشّاف.
(٩) يقصد أبا القاسم ، جار الله محمود بن عمر بن محمّـد الخوارزمي ، الزّمخشري ،