عَدَمُ إطْلاقِ هَذَا الاسْمِ عَلَى غَيْرِهِ. وَالقَائِلُ بأنّه اسْمٌ لِمَفْهُوم كُلّيّ ، يَقُولُ بِانْحِصَارِ ذَلِكَ المَفْهُومِ فِيْهِ ، وَعَدَمِ وُجُودِ فَرْد غَيْرِهِ فِي الخَارِجِ لِذَلِكَ الكُلِّيِّ ، فَحَصَلَ الاختصاصُ الَّذِي تَتَوقّفُ عَلَيْهِ تِلْكَ مالإفَادَةُ المَذْكُورةُ ، كَمَا يَحْصُلُ الاخْتِصَاصُ المُجَوّزُ لِلابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ ، فِي نَحْوِ : (فِي الدَّارِ رَجُلٌ) ، بِجَعْلِ الخَبَرِ ظَرْفاً مُقَدَّماً ، فَزَالَ الإِيرَاد بِهَا.
وَأَمَّا اعْتِبَارُ العَهْدِ ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ سَبْقُ العِلْمِ بِانْحِصَارِ هَذَا المَفْهُومِ فِـي ذَلِكَ الشَّخْصِ ؛ فَيُعْلَمُ عِنْدَ الإطلاق إِرَادتُهُ مِنْهُ بِخُصُوصِهِ ؛ لاِنْتِفَاءِ غَيْرِهِ ، فَيَكُونُ فَهْمُهُ مِنْهُ مُتَعَيّناً ، وَأَسْبَقَ إِلَى الذّهْنِ فِي المَعْهُودِ.
وَأمّا قَوْلُهُ : «لأنّ المَفْهُومَ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَحْتَمِلُ الكَثْرَةَ»(١) ، فَهُوَ صَحِيْحٌ ، لَكِنْ لا يَصْلُحُ دَلِيْلاً عَلَى مَا رَامَه(٢) ، وَهُوَ عَدَمُ إِفَادَةِ : (لا إلهَ إلا اللهُ) التّوْحِيْدَ ، إِذَا قِيْلَ : بِأنَّ اللهَ اسمٌ لِمَفْهُوم كُلّيّ انْحَصَرَ فِي فَرْد ؛ وَذَلِكَ لأنّ احْتِمَالَ المَفْهُومِ لِلْكَثْرَةِ لا يَعْنِي إِرَادَةَ [٣٦٤]// الكَثْرَةِ مِنْهُ ، وَالعِلْمُ بِانْحِصَارِهِ فِي فَرد خَاصّ ، يُزِيْلُ عَنْهُ ذَلِكَ الاحْتِمَالَ ، فَلا يَبْقَى فِيْهِ احْتِمَالُ كَثْرَة أَصْلاً. وَالمَفْرُوضُ فِيْمَا نَحْنُ فِيْهِ ذَلِكَ ، فَالتّوحِيْدُ مُسْتَفادٌ مِنَ الْكَلِمَةِ الجَلِيْلَةِ يَقِيْناً ؛ لِزَوَالِ احْتِمَالِ الكَثْرَةِ بِتَعَيّنِ الفَرْدِ ألبَتَّةَ.
وَالجَوَابُ عَنِ الثَّانِي ، بِخُصُوصِهِ : فَبِاخْتِيَارِ الشّقِّ الأوّلِ مِنْ شَقّي التّرْدِيْدِ ، وَضْعِ لُزُومِ مَا ذَكَرَهُ(٣).
__________________
(١) المطوّل : ٢١٦.
(٢) سعد الدّين التّفتازاني.
(٣) أي : في قول التفتازاني المتقدّم : «فَالمُرَاد بالإلهِ فِي هَذِهِ الكَلِمَةِ : إمّا المَعْبُودُ بِالحَقِّ ، فَيَلْزِمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيءِ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوْ مُطْلَقُ المَعْبُودِ ، فَيَلْزِمُ الكَذِبُ ، لِكَثْرَةِ