أى : والملائكة ينزهون ربهم ـ تعالى ـ عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله ، خوفا منه ـ سبحانه ـ ، ورهبة لذاته.
وقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) معطوف على (يُسَبِّحُونَ). والمراد بمن في الأرض : المؤمنون بصفة خاصة ، لأنهم هم الذين يستحقون ذلك ، كما قال ـ تعالى ـ في آية أخرى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا).
أى : أن الملائكة ينزهون الله ـ تعالى ـ عما لا يليق به. ويطلبون للمؤمنين من أهل الأرض عفو الله ـ تعالى ـ ورحمته وغفرانه.
وقوله : (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) تذييل قصد به الثناء على الله ـ تعالى ـ بما هو أهله.
أى : ألا إن الله ـ تعالى ـ وحده ، هو الواسع المغفرة والرحمة لمن يشاء من عباده ، لا يمنعه من ذلك مانع ، ولا يحاسبه على ما يفعل محاسب.
ثم بين ـ سبحانه ـ سوء عاقبة المشركين فقال : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ).
أى : والذين اتخذوا من دون الله ـ تعالى ـ شفعاء وشركاء ليقربوهم إليه زلفى ، الله ـ تعالى ـ وحده رقيب عليهم ، وسيجازيهم بما يستحقون من عقاب يوم القيامة ، وما أنت ـ أيها الرسول الكريم ـ عليهم بحفيظ أو رقيب على أعمالهم ، وإنما أنت عليك البلاغ ونحن علينا الحساب.
ثم بين ـ سبحانه ـ الحكمة من إنزال هذا القرآن على الرسول صلىاللهعليهوسلم كما بين أنواعا من الأدلة عن كمال قدرته ، ووجوب إفراده بالعبادة والخضوع ، ووجوب التحاكم إلى شريعته عند الاختلاف والتنازع. فقال ـ تعالى ـ :
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٨)