أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٢)
والكاف في قوله ـ تعالى ـ : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا ..) في محل نصب على المصدرية ، واسم الإشارة يعود إلى مصدر (أَوْحَيْنا).
أى : ومثل ذلك الإيحاء البديع الواضح ، أوحينا إليك ـ أيها الرسول الكريم ـ قرآنا عربيا ، لا لبس فيه ولا غموض.
وقوله ـ سبحانه ـ (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) تعليل لهذا الإيحاء. والمراد بأم القرى : أهلها.
وسميت مكة بأم القرى ، لأنها مكان أول بيت وضع للناس ، ولأنها قبلة أهل القرى كلها ومحجهم ، ولأنها أعظم القرى شأنا وغيرها كالتبع لها ، كما يتبع الفرع الأصل ، أى : أوحينا إليك هذا القرآن لتنذر به أهل أم القرى ، ولتنذر به ـ أيضا ـ من حولها من أهل القرى الأخرى.
وخص أهل أم القرى ومن حولها بالذكر في الإنذار ، لأنهم أقرب الناس إليه صلىاللهعليهوسلم كما قال ـ تعالى ـ في آية أخرى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).
وليس معنى هذا التخصيص أن رسالته صلىاللهعليهوسلم كانت إليهم وحدهم ، لأن هناك آيات أخرى كثيرة قد صرحت بأن رسالته صلىاللهعليهوسلم كانت إلى الناس كافة ، ومن هذه الآيات : وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) وقوله ـ سبحانه ـ : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ