وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (١١)
والمراد بالآيات في قوله ـ سبحانه ـ : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ..) آيات القرآن الكريم ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ، وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١).
و (تِلْكَ) مبتدأ ، و (آياتُ اللهِ) خبر و (نَتْلُوها عَلَيْكَ) حال عاملها ما دل عليه (تِلْكَ) من معنى الإشارة.
وقوله (بِالْحَقِ) حال من فاعل (نَتْلُوها) أو من مفعوله ، أى : نتلوها محقين ، أو ملتبسة بالحق.
أى : تلك ـ أيها الرسول الكريم ـ آيات الله ـ تعالى ـ المنزلة إليك ، نتلوها عليك تلاوة ملتبسة بالحق الذي لا يحوم حوله باطل.
وكانت الإشارة للبعيد ، لما في ذلك من معنى الاستقصاء للآيات ، ولعلو شأنها ، وكمال معانيها ، والوفاء في مقاصدها.
وأضاف ـ سبحانه ـ الآيات إليه ، لأنه هو الذي أنزلها على نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وفي هذه الإضافة ما فيها من التشريف لها ، والسمو لمنزلتها.
وجعل ـ سبحانه ـ تلاوة جبريل للقرآن تلاوة له ، للإشعار بشرف جبريل ، وأنه ما خرج في تلاوته عما أمره الله ـ تعالى ـ به ، فهو رسوله الأمين ، إلى رسله المكرمين.
وقوله ـ سبحانه ـ : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) تعجيب من حالهم ، حيث أصر هؤلاء الكافرون على كفرهم ، مع وضوح البراهين والأدلة على بطلان ذلك.
أى : فبأى حديث بعد آيات الله المتلوة عليك يؤمن هؤلاء الجاهلون؟ إن عدم إيمانهم بعد
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٥٢.