(وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٢٠)
والمراد بإسرائيل : يعقوب ـ عليهالسلام ـ وببنيه : ذريته من بعده. والمراد بالكتاب : التوراة ـ أو جنس الكتاب فيشمل التوراة والإنجيل والزبور.
أى : والله لقد أعطينا بنى إسرائيل (الْكِتابَ) ليكون هداية لهم ، وآتيناهم ـ أيضا ـ (الْحُكْمَ) أى : الفقه والفهم للأحكام حتى يتمكنوا من القضاء بين الناس ، وأعطيناهم كذلك (النُّبُوَّةَ) بأن جعلنا عددا كبيرا من الأنبياء فيهم ومنهم.
وهكذا منحهم ـ سبحانه ـ نعما عظمى تتعلق بدينهم ، أما النعم التي تتعلق بدنياهم فقد بينها ـ سبحانه ـ في قوله : (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أى : ورزقناهم من المطاعم والمشارب الطيبات التي جعلناها حلالا لهم.
وقوله : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) بيان لنعمة أخرى. وللمفسرين في معنى هذه الجملة اتجاهان : أحدهما : أن المقصود بها فضلناهم على العالمين بأمور معينة حيث جعلنا عددا من الأنبياء منهم ، وأنزلنا المن والسلوى عليهم.
قال الآلوسى : قوله : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) حيث آتيناهم ما لم نؤت غيرهم من فلق البحر ، وإضلال الغمام ، ونظائرهما ، فالمراد تفضيلهم على العالمين مطلقا من بعض