صلىاللهعليهوسلم وفيما قرأ الرسول صلىاللهعليهوسلم عليهم ، وفيمن كان مع النبي صلىاللهعليهوسلم خلال التقائه بهم .. (١).
ويبدو لنا من مجموع هذه الروايات أن لقاء النبي صلىاللهعليهوسلم بالجن قد تعدد ، وأن هذه الآيات تحكى لقاء معينا ، وسورة الجن تحكى لقاء آخر.
قال الآلوسى : وقد أخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عن الحبر ، أى : عن ابن عباس أنه قال : صرفت الجن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرتين.
وذكر الخفاجي أنه قد دلت الأحاديث ، على أن وفادة الجن كانت ست مرات ، ويجمع بذلك اختلاف الروايات في عددهم ، وفي غير ذلك. (٢).
و «النفر» على المشهور ـ ما بين الثلاثة والعشرة من الرجال وهو مأخوذ من النفير ، لأن الرجل إذا حزبه أمر نفر بعض الناس الذين يهتمون بأمره لإغاثته.
والمعنى : واذكر ـ أيها الرسول الكريم ـ لقومك ، وقت أن صرفنا إليك ، ووجهنا نحوك ، نفرا من الجن ، يستمعون القرآن منك.
(فَلَمَّا حَضَرُوهُ) أى : فحين حضروا القرآن عند تلاوته منك ، أو فحين حضروا مجلسك (قالُوا) على سبيل التناصح ـ (أَنْصِتُوا) أى : قال بعضهم لبعض : اسكتوا لأجل أن نستمع إلى هذا القرآن ، وهذا يدل على سمو أدبهم وحرصهم على تلقى العلم.
(فَلَمَّا قُضِيَ) أى : فحين انتهى الرسول صلىاللهعليهوسلم من قراءته.
(وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) أى : انصرفوا إلى قومهم ليخوفوهم من عذاب الله ـ تعالى ـ إذا ما عصوه أو خالفوا أمره ـ سبحانه ـ.
(قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى ...) أى : وبعد أن انصرفوا إلى قومهم منذرين ، ووصلوا إليهم. قالوا لهم : يا قومنا إنا سمعنا كتابا عظيم الشأن ، جليل القدر ، أنزل من بعد نبي الله ـ تعالى ـ موسى ـ عليهالسلام ـ.
وهذا الكتاب (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أى : مصدقا لما قبله من الكتب وهو ـ أيضا ـ (يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) الذي لا يحوم حوله الباطل ، ويهدى ـ أيضا ـ (إِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) أى : إلى طريق قويم واضح يصل بأتباعه إلى السعادة.
قال الآلوسى : قوله : (أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) ذكروه دون عيسى ـ عليهماالسلام ـ
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٢٧٢ وما بعدها طبعة دار الشعب.
(٢) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٦ ص ٣٠.