أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (٣٥)
والهمزة في قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ ...) للاستفهام الإنكارى ، والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام ...
أى : أبلغ العمى والجهل بهؤلاء الكافرين ، أنهم لم يروا ولم يعقلوا أن الله ـ تعالى ـ الذي خلق السموات والأرض بقدرته (وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ) أى : ولم يتعب ولم ينصب بسبب خلقهن ، من قولهم عيى فلان بالأمر ـ كفرح ـ إذا تعب ، أو المعنى : ولم يعجز عن خلقهن ولم يتحير فيه ، مأخوذ من قولهم : عيى فلان بأمره ، إذا تحير ولم يعرف ماذا يفعل.
وقوله : (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) في محل رفع خبر (أَنَ) ، والباء في قوله ـ تعالى ـ (بِقادِرٍ) مزيدة للتأكيد.
فالمقصود بالآية الكريمة توبيخ المشركين على جهلهم وانطماس بصائرهم ، حيث لم يعرفوا أن الله ـ تعالى ـ الذي أوجد الكون ، قادر على أن يعيدهم الى الحياة بعد موتهم.
وأورد القرآن ذلك في أسلوب الاستفهام الإنكارى ، ليكون تأنيبهم على جهلهم أشد.
وقوله : (بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقرير وتأكيد لقدرته ـ تعالى ـ على إحياء الموتى ، لأن لفظ (بَلى) يؤتى به في الجواب لإبطال النفي السابق ، وتقرير نقيضه ، بخلاف لفظ نعم فإنه يقرر النفي نفسه.
أى : بلى إنه ـ سبحانه ـ قادر على إحياء الموتى ، لأنه ـ تعالى ـ على كل شيء قدير.
ثم كرر ـ سبحانه ـ التذكير للناس بأحوال الكافرين يوم الحساب ليعتبروا ويتعظوا فقال : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ...) أى : واذكر ـ أيها العاقل ـ يوم يلقى الذين كفروا في النار ، بعد مشاهدتها ورؤيتها ..