وقد فعل الرسول صلىاللهعليهوسلم كل ذلك ، مع الأسرى ففي بدر قتل عقبة بن أبى معيط.
وأخذ الفداء من غيره .. ومنّ على ثمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده (١).
وقال القرطبي ـ بعد أن ذكر أربعة أقوال ـ : الخامس : أن الآية محكمة ، والإمام مخير في كل حال.
وبهذا قال كثير من العلماء منهم : ابن عمر ، والحسن وعطاء ، وهو مذهب مالك والشافعى والثوري والأوزاعى .. وغيرهم ، وهو الاختيار ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوسلم والخلفاء الراشدين فعلوا كل ذلك. فقد قتل النبي صلىاللهعليهوسلم في بدر النضر بن الحارث. وأخذ الفداء من أسارى بدر .. وقد منّ على سبى هوازن. وهذا كله ثابت في الصحيح (٢).
وقال بعض العلماء ما ملخصه : وما نحسبنا مخطئين إذ قلنا إن الذي كان من النبي صلىاللهعليهوسلم من الأعمال المختلفة ، كان نزولا على مقتضى المصلحة ، ولذلك نراه كان يجتهد في تعرف وجوه المصلحة ، فيستشير أصحابه.
ولو كان الأمر أمر خطة مرسومة ، واحدا لا يتخطى. ما كان هناك معنى للاستشارة ، ولا للنزول على رأى بعض أصحابه ، ولما خالف في الحرب الواحدة بين أسير وأسير ، فقتل هذا ، وأخذ الفداء من هذا. ومنّ على هذا.
وإذا فالمصلحة العامة وحدها هي لمحكمة ، وهي الخطة التي تتبع في الحروب ، خصوصا والحرب مكر وخديعة ، وما دامت مكرا أو خديعة فليترك للماكرين وضع خطط المكر والخديعة ولا يرسم لهم كيف يمكرون ، وإلا ما كانوا ما كرين (٣).
٣ ـ بشارة الشهداء بالثواب الجزيل ، وبالأجر العظيم ، ويكفى لذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ).
وقد ذكر الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات جملة من الأحاديث منها : ما أخرجه الإمام أحمد عن قيس الجذامي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يعطى الشهيد ست خصال : عند أول قطرة من دمه يكفر عنه كل خطيئة ، ويرى مقعده من الجنة ، ويزوج من
__________________
(١) راجع تفسير ابن جرير ج ٢٩ ص ٢٧.
(٢) راجع تفسير القرطبي ج ١٦ ص ٢٢٨.
(٣) راجع تفسير آيات الأحكام ج ٤ ص ٧٦ لفضيلة الشيخ محمد على السائس.